رياض الزهراء العدد 94 لحياة أفضل
سَعادَتُهُم_ أُخوّتهم مقارنة وتحليل
الحسنان والعباس وزينب (عليهم السلام) لأُخوّتهم قلادة ثمينةٌ في جيد العصور، صحيح أنها أعجبت جميع الناس، ولكن ما ازدانت بها إلّا النفوس الغنيّة بالإيمان والمكرمات، من أجل ذلك ليس كلّ أخ أو أخت يفوح منهما عبق الأخوّة، وليس كلّ ظفر يأبى أن يخرج من اللحم، هذه الحقيقة التي يجب أن يعترف بها أفراد مجتمعنا، حيث إنَّ الكثير منهم أفواههم مملوءة بالثناء على أُخوّة أولئك النماذج، ونفوسهم فارغةٌ من أبسط معاني الأخوّة، وهذا ما دفعنا لأن نعقد مقارنة بين بعض المشاكل الأخويّة التي نعيشها اليوم وبين أُخوّة الحسنين والعباس وزينب (عليهم السلام). (المقارنة الأولى) هي أنَّ كثيراً من الأخوة لاسيّما المراهقين منهم يحاولون أن يعبّروا عن ذواتهم بزجر أخواتهم وضربهنّ، تحت مُسمّى الرجولة، كما أنهم يضيّقون عليهنّ ويمنعوهنّ من أغلب حقوقهنّ كالمدرسة وغيرها تحت مُسمّى الغيرة على العرض. في حينٍ نقرأ أنّ العباس (عليه السلام) على عِظَمِ رجولته كان يتواضع لأختهِ زينب (عليها السلام)، فينزل عن فرسه ويعدل لها محملها، ويقضي لها طلباتها برفقٍ ولين، كما أنه على عِظَمِ غيرته على هذه الأخت المصانة لم نجده منعها عن حقّ التعبير حينما استقبلت الأنصار في ليلة العاشر مع النساء، ليوضح بذلك أنّ الرجولة ليست بالصراخ والضرب، وأنّ الغيرة على العرض ليست منعاً للحقوق، ولا ننفي أنَّ هنالك فتيات ينزعجنَ من غيرة إخوانهنَّ عليهنّ حتى لو كانت مشروعة، إذ يعدّون هذه الغيرة قيوداً تثقلهنّ، وتدلّ على عدم ثقتهم بهنَّ في حين نقرأ أنَّ زينب (عليها السلام) كانت تفتخر بحرص إخوتها عليها، وتؤكد على أنّ الحجاب وصيانة المرأة في البيت إنما هو عزة وهيبة لها وليس عدم ثقة بها، من هنا قالت ليزيد: “أمن العدل يا بن الطلقاء تخديرك حرائرك وإماءك، وسوقك بنات رسول الله سبايا قد هتكت ستورهنّ وأبديت وجوههنّ”.(1) (المقارنة الثانية) هي أنَّ كثيراً من الأخوة المتزوّجين لا يراعون أخواتهم غير المتزوجات، ويقسون عليهنَّ بالتصرفات، وينسون أنهنّ أيضاً بحاجةٍ إلى رعايتهم، كما أنَّهم لا يسألون حتى على أخواتهم المتزوجات، وغالباً ما يكون جفاء الأخوة المتزوجين لأخواتهم ومشاكلهم معهنّ، إمّا لمشاكل بينهنّ وبين الزوجة، فينحازون إلى الزوجة، أو لمشاكل بين أطفالهم وأطفالهنّ إذا كنّ متزوجات، وإذا لم يكن هذا السبب ولا ذاك، فإنّ المشاكل بين الأخوة والأخوات قد تحدث مؤخراً، إذا حدثت بينهم مصاهرة أي زواج بين أبنائهم وبناتهم، أو لأجل الإرث، متأثرين بقول الآخرين، في حين نقرأ أنّ الإمام الحسن (عليه السلام) وهو تحت تأثير السمّ كان يراعي شعور أخواته، فيأمر الإمام الحسين (عليه السلام) بأن ينحّي عنه الطشت الذي فيه كبده، كيلا يرينَه ويفزعنَ، وفي مقابل ذلك نجد السّيّدة زينب (عليها السلام) بعد مقتل إخوتها هي التي تكفلت بحماية عيالهم وأطفالهم بكلّ رفقٍ ولين، بل إنها ما برزت من خيمتها معولةً في أثناء المعركة إلّا حين قُتل ابن أخيها علي الأكبر، بوقتٍ لم تبرز حتى بمقتل ولديها، فيا أفراد مجتمعنا هذه هي أخوّة ساداتنا النجباء (..وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ)/ (المطففين:26). .................................... (1) بحار الأنوار: ج45، ص134.