مَكتَبَةُ الكِندِيّ مَنَارٌ لِلعِلمِ وَالمَعرِفَة

أجرت التحقيق: ليلى إبراهيم الهر
عدد المشاهدات : 216

العراقيون القدماء وضعوا حجر الأساس للثقافة والحضارة اللتين نرى ثمارهما قد بلغت في عصرنا من النضج والاكتمال مبلغاً بعيداً، ولا يشك امرؤ في أنّ مبعث الثقافة والحضارة في كلّ عصر وأوان هو العلم، ولا يقوم علم إلّا على مؤلفات تُدون، ومعلومات تُكتنز في أسفار يتألّف من اجتماع شملها وانضمام بعضها إلى بعض ثروة أدبيّة وعلميّة زاخرة، يُطلق عليها اسم (مكتبة) ويُعرف العراق بتاريخه الحافل الذي ابتدأ بفجر حياة الإنسان، وتعاقبت عليه السّنون، فاهتدت الأمم والأقوام بهديه حتى أصبح أميناً تتعقّب خطاه في مضمار الرقيّ والعمران والحضارة، وكلّها تستقي علمها من المكتبات التي كانت وما تزال ينبوعاً للعلم والمعرفة والحضارة والتطوّر، فعلى ذلك متى ما أرادت الأمم والشعوب التطوّر والتقدّم فإنّ المكتبات تخدمهم في بحوثهم التي تعود بالفائدة على البلد بصورة عامّة، ومكتبة الكندي إحدى هذه المكتبات التي كانت وما تزال مناراً للعلم والمعرفة. أُسّست مكتبة الكندي ببغداد عام 1961م في منطقة الكرادة، وهي من المكتبات الحكومية العريقة التي يُؤمّها الكثير من طلاب الجامعات من كلا الجنسين في قاعات منفصلة، وهي كسائر المؤسسات لديها أهداف، وأقسام، ووحدات، ونشاطات، وسياق عمل معين، فضلاً عن المعوّقات والصعوبات؛ لذا فقد تحدثنا إلى أمينة المكتبة السّيّدة آمال إبراهيم عبد الهادي لنتعرّف على كلّ ذلك.. كم عدد الكتب في المكتبة؟ أكثر من 20 ألف كتاب، ووصلتنا كتب تقدر بـ (10 آلاف كتاب)، حيث اتّبعت أمانة بغداد سياسة جديدة لحاجتها إلى المباني الحكوميّة، فأخذت تدمج المكتبات بعضها ببعض، فذوّبت مكتبة المهلّب مع مكتبتنا، فتحوّلت الكتب كلّها إلى مكتبتنا؛ لذا فإنّ عددها في الحقيقة أكثر بكثير من العدد المذكور. ما هو النظام الذي تتبّعه المكتبة؟ تتبّع المكتبة نظام المكتبة المغلقة، ونظام الفهرسة هو نظام ديوي العشري. ما هي سياسة المكتبة في إعارة الكتب للطلاب؟ بما أنّ أغلب روّاد المكتبة من طلاب الجامعات والدراسات العليا، فإنّ من الصعب عليهم قراءة الكتب والاستفادة منها داخل المكتبة، بسبب الظروف الأمنيّة الصعبة، وازدحام الشوارع، مما يصعب الحضور إلى المكتبة يوميّاً، لذا فإنّ سياسة المكتبة تسمح بالاستعارة الخارجيّة في ضمن ضوابط، كوضع الهويّة الشخصيّة، والعنوان الوظيفي أو عنوان الطالب الجامعي من أيّ قسم أو كلية، ورقم الهاتف، وفي حال تأخرّ الطالب عن إرجاع الكتاب، فإننا نتصل بالبيت أو الجامعة لتذكيره بموعد استرجاعه. ما الإجراء المتّخذ من قِبَلِكُم في حالة عدم إرجاع الكتب؟ في أغلب الحالات يكون الكتاب قد ضاع مع الطالب الذي يتعرّض لحادث تفجير، فيكون الكتاب ضحيّة معه أيضاً، وفي الحالات الأخرى من عدم إرجاع الكتب يُغرَّم الطالب ثمنه. هل هناك خاصيّة لطلاب الماجستير والدكتوراه؟ نعم، طلاب الدراسات العليا لهم خاصيّة في عدد الكتب المستعارة، والمدة الزمنيّة للاستعارة، إضافة إلى ذلك السماح لهم بالدخول إلى ممرّات الرفوف، واختيار الكتب، ولهم سجل خاص بهم. ما هي المواضيع التي تحتويها مكتبتكم؟ تحتوي على مواضيع عديدة ومتنوعة منها (أدب، وجغرافية، واجتماع، وتاريخ، وبقية الكتب الأكاديميّة)، وهي أكثر من الكتب الدينيّة، وبالنسبة إلى تفاسير القرآن فهي لمؤلفين من مختلف المذاهب (سنة وشيعة)، وتوجد أيضاً كُتب (حديث ورجال وتراجم)، وأمّا الكُتب التي تخصّ أهل البيت (عليهم السلام) فهي قليلة نوعاً ما، إذ تعرضت المكتبة للنهب بعد السقوط مباشرة، لكننا بمعونة الله (سبحانه وتعالى) استطعنا حمايتها بقدر المستطاع، لكن أغلب الكتب التي تتحدّث عن أهل البيت (عليهم السلام) هي التي فُقِدَتْ، ومن ناحية أخرى فإنّ كتباً كثيرة أُهديت إلى المكتبة بعد السقوط وبمختلف المواضيع. كيف هي آلية فهرسة الكتب واسترجاعها؟ الكتب مبوّبة في سجلات، وكلّها مفهرسة ومرتّبة، إضافة إلى فهارس البطاقات الموجودة في متناول يد الطالب، ومنذ مدّة زُوّدنا بحاسبات (كومبيوترات) أُدخلت فيها فهرسة الكتب بحسب الموضوعات. هل لديكم نشاطات داخل المكتبة إضافة إلى العمل التقليدي؟ نعم، فالأخوات في قسم الحاسبات يُقمنَ دورات تعليم الحاسوب في العطلة الصيفيّة مجاناً، إضافة إلى أنّ الأخوات في قسم الإعارة يُقدّمنَ دروس تقوية لطلاب الدور الثاني في أغلب الدروس المهمّة (عربي، انكليزي، كيمياء، رياضيات، فيزياء) ولمختلف المراحل كالسادس الابتدائي، والثالث المتوسط وغيرها، أيضاً مجاناً مع وسائل إيضاح وسبورة وطباشير ورسوم وألعاب على نفقتنا الخاصة لمساعدة الطلبة لا غير، فضلاً عن الندوات والمؤتمرات التي نعقدها في المكتبة بمساعدة مؤسّسة النور النسويّة حول موضوع معيّن، وتحضّرها شخصيّات مهمّة ومسؤولون، وأعضاء منظّمات المجتمع المدني، وعضوات ناشطات في حقوق الإنسان وغيرها، والتي من خلالها نوصل أهدافنا ومعلوماتنا. ما هو الهدف الذي تسعى المكتبة إلى تحقيقه؟ إنّ العصر الحالي هو عصر المعلومات، ولا خلاف على أهميّة المعلومات وقيمتها، والمعلومات أساس كلّ قرار يتّخذه الإنسان حتى في حياته اليوميّة الاعتياديّة، وإن تنظيم المعلومات وإتاحتها بصورة ملائمة يوفر نحو (30%) من الوقت في مرحلة البحوث، ونحو (50%) في مرحلة التطوّر، واهم ما يميّز عصرنا هذا ليس التطوّرات العلميّة والتقنيّة نفسها، وإنما معدل استمراريّة حدوثها ومدى تأثيرها في السلوك البحثي لدى المستفيد، فعلينا أن نواكب التطور التكنولوجي في مجال البحث العلمي، وخدمة المستفيد، وعمليّة استرجاع المعلومات. هل لديكم طموحات أو مشاريع في المستقبل؟ نعم نحن بصدد عمل معرض عن الإمام الحسين (عليه السلام) وأخته السّيّدة زينب (عليها السلام) من مجسّمات ورسوم، كذلك نسعى إلى أن يكون لنا تمويل ذاتي، فنقوم بمشاريع كثيرة. المكتبات الركيزة الأساسيّة لنهوض المجتمع، فهي تتيح الفرصة لأفراد المجتمع في الاطّلاع والتأمل وربط الحقائق، وتمدهم بالعلوم والمعارف، فهي مصدر أساسي لتعميق الثقافة لدى الأفراد والارتقاء بالمستوى الفكري لديهم.