وَكَأَنَّهُ يصِفُ زَمَانَنَا
خطبة لأمير المؤمنين (عليه السلام) في ذكر المكاييل والموازين: (عِبَادَ الله إِنَّكُمْ ومَا تَأْمُلُونَ مِنْ هَذِهِ الدُّنْيَا أَثْوِيَاءُ مُؤَجَّلُونَ ومَدِينُونَ مُقْتَضَوْنَ أَجَلٌ مَنْقُوصٌ وعَمَلٌ مَحْفُوظٌ فَرُبَّ دَائِبٍ مُضَيَّعٌ ورُبَّ كَادِحٍ خَاسِرٌ وقَدْ أَصْبَحْتُمْ فِي زَمَنٍ لا يَزْدَادُ الْخَيْرُ فِيهِ إِلا إِدْبَاراً ولا الشَّرُّ فِيهِ إِلا إِقْبَالاً ولا الشَّيْطَانُ فِي هَلاكِ النَّاسِ إِلا طَمَعاً فَهَذَا أَوَانٌ قَوِيَتْ عُدَّتُهُ وعَمَّتْ مَكِيدَتُهُ وأَمْكَنَتْ فَرِيسَتُهُ اضْرِبْ بِطَرْفِكَ حَيْثُ شِئْتَ مِنَ النَّاسِ فَهَلْ تُبْصِرُ إِلا فَقِيراً يُكَابِدُ فَقْراً أَوْ غَنِيّاً بَدَّلَ نِعْمَةَ الله كُفْراً أَوْ بَخِيلاً اتَّخَذَ الْبُخْلَ بِحَقِّ الله وَفْراً أَوْ مُتَمَرِّداً كَأَنَّ بِأُذُنِهِ عَنْ سَمْعِ الْمَوَاعِظِ وَقْراً أَيْنَ أَخْيَارُكُمْ وصُلَحَاؤُكُمْ وأَيْنَ أَحْرَارُكُمْ وسُمَحَاؤُكُمْ وأَيْنَ الْمُتَوَرِّعُونَ فِي مَكَاسِبِهِمْ والْمُتَنَزِّهُونَ فِي مَذَاهِبِهِمْ أَلَيْسَ قَدْ ظَعَنُوا جَمِيعاً عَنْ هَذِهِ الدُّنْيَا الدَّنِيَّةِ والْعَاجِلَةِ الْمُنَغِّصَةِ وهَلْ خُلِقْتُمْ إِلا فِي حُثَالَةٍ لا تَلْتَقِي إِلا بِذَمِّهِمُ الشَّفَتَانِ اسْتِصْغَاراً لِقَدْرِهِمْ وذَهَاباً عَنْ ذِكْرِهِمْ فَإِنَّا لله وإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ ظَهَرَ الْفَسَادُ فَلا مُنْكِرٌ مُغَيِّرٌ ولا زَاجِرٌ مُزْدَجِرٌ أَفَبِهَذَا تُرِيدُونَ أَنْ تُجَاوِرُوا الله فِي دَارِ قُدْسِهِ وتَكُونُوا أَعَزَّ أَوْلِيَائِهِ عِنْدَهُ هَيْهَاتَ لا يُخْدَعُ الله عَنْ جَنَّتِهِ ولا تُنَالُ مَرْضَاتُهُ إِلا بِطَاعَتِهِ لَعَنَ الله الآمِرِينَ بِالْمَعْرُوفِ التَّارِكِينَ لَهُ والنَّاهِينَ عَنِ الْمُنْكَرِ الْعَامِلِينَ بِهِ). .............................. نهج البلاغة الخطبة 129: ج2، ص276.