رياض الزهراء العدد 94 ألم الجراح
قُلُوبٌ وهُمُوم
بموجٍ هادرٍ مِن الوَلاءِ.. شهدتْ قلوبٌ قد اعتصرتْ دَماً.. ألماً يفوقُ عمقَ البحارِ وحفيفَ الأشجارِ.. فقلبٌ من الشامِ ينوحُ لِآلامِ زينبَ (عليها السلام).. وقَد تراءتْ لها مصائبُ يومِ كربلاءَ المؤلمةُ ومِحنُهُ.. حيثُ فاضَ من الجسدِ الشريفِ دمٌ على الثَّرى كطُوفانِ نوحٍ فأصبحَ سفينةَ النَّجاةِ.. فيدٌ رفعتْهُ قُرباناً لِلمولَى (عزّ وجل).. وقلبٌ أُصيبَ بسهمِ الرَّدى.. وجفنٌ قَد أقرحَهُ البكاءُ حتى قارعَ النومَ حِفاظاً علَى عِيالاتِهِ.. فموتُ زينبَ (عليها السلام) يَعني حياةً وخلوداً لكلمةٍ قَد تجسّدتْ فيها كلمةُ الحقِّ.. وذاكَ مِن سامراءَ يَرثي إمَاماً هَادياً مسموماً بينَ غُربَةِ الطُّغاةِ وظُلمِهِم.. وهَذا مِن بغدادَ قَد ارتعشَ ليرتشفَ معينَ معذَّبٍ.. حبيسِ السُّجونِ المُكفهرّاتِ وصباباتِ الدَّهرِ.. قَد لاحتْ في مُقلِ العيونِ ومَعاصمَ قَد كُبّلتْ بالحديدِ.. آه منهُ.. أما آنَ له أنْ يطرقَ برأسِهِ خَجلاً.. مِن يدٍ أمسكتْها فاطمةُ (عليها السلام) فِي الوصيّةِ يومَ وفاتِهَا.. أَو كفٍّ حملتْ جسدَ الإمامِ الحسينِ (عليه السلام) عصرَ يومِ عاشوراءَ الأليمِ.. لكنّهم لم يُخرِسوا صوتاً رُفع ليدافعَ عَن كلمةِ لا إلهَ إلّا الله.. في سِككِ الكُوفةِ وخَرِبةِ الشَّامِ بلسانٍ فصيحٍ.. ونُطقٍ كنُطقِ أميرِ المؤمنينَ (عليه السلام) وبلاغتِهِ.. وفي سامراءَ.. تتعانقُ القلوبُ المفجوعةُ معَ الغيارَى لتصدحَ..