رياض الزهراء العدد 97 لحياة أفضل
سَعادَتُهُم_ أعيادنا.. كيف نتعامل معها
تمرّ علينا فتملأ الأجواء عطراً تجذب به القلوب التي كانت تنتظرها على جادة الزمان، فينقسم الناس فيها على قسمين: منهم مَن يهتم بتزيين روحه في المكرمات لها، ومنهم مَن يترك روحه على رفّ الإهمال ويهتم فقط بملبسه وبنزهته، هذا هو تعامل المسلمين مع أعيادهم عيديّ الفطر والأضحى. أمّا عيد الغدير فهو العيد الذي لا يحييه سوى موالي أهل البيت (عليهم السلام) على الرغم من أنه عيد الله الأكبر؛ لذلك نحن سنذكر بعض الظواهر السلبية في مجتمعنا، منها عامة، منها خاصة بأتباع أهل البيت (عليهم السلام): الظاهرة الأولى وهي أنّنا نجد بعض الأخوة بمجرد أنْ يُعلن لهم أنّ يوم غد عيد يسارعون بالإطلاقات النارية نحو الهواء تعبيراً عن فرحتهم بالعيد، إلا أنه بالحقيقة تعبير عن أنانيتهم؛ لأنّ بنادقهم حينما تتفوّه بالرصاص قد تكتم أو تربك أنفاس أناس أبرياء كان من المأمول أنْ يعيشوا العيد كغيرهم.. لولا أن تصيبهم تلك الرصاصات العشوائية. الظاهرة الثانية وهي أنّ الأعياد الثلاثة بلا شك هي أعيادٌ دينية يجب أن يتزود منها الإنسان إيمانياً عن طريق العبادة والزيارة لمراقد المعصومين والصالحين، ويتزود منها اجتماعياً عن طريق زيارة الأقرباء ومساعدة الفقير وإصلاح ذات البين، ثم لا بأس بعد ذلك بأنْ يتزود منها ترفيهياً عن طريق التنزّه وغير ذلك، إلّا أننا ويا للأسف نجد أغلب العائلات عن طريق أقوالهم وأفعالهم يعطون صورة لأطفالهم بأنّ العيد هو عبارة عن ملبس جديد، وفسحة، ومضاعفة الشراء لما يشتهون لا غير، بل المدرسة والإعلام السائد يروّجان إلى هذه الظاهرة السلبية، فمثلاً حينما يجعلون في المناهج الدراسية للأطفال النشيد الذي يقول: (خرجت يوم العيد، بملبسي الجديد، أقول يا إخواني، هيا إلى الدكان، فيومنا سعيد وعندنا نقودُ، نلعب طول اليوم، إلى زمان النوم). فطبعاً هذا الطفل بالتأكيد سينشأ على أن العيد مناسبة ترفيهية لا أكثر، أمّا الإعلام فمحاولته جداً واضحة لجعل العيد مناسبة ترفيهية وبأساليب منحطة، بل جعل شهر رمضان بهذه الصورة أيضاً، عن طريق عرضهم الكوميديا وما يُسمى بالفوازير وغير ذلك طوال شهر رمضان، إذن يتعيّن على المسلمين والمؤمنين الانتباه إلى ذلك ومقابلته بما يناسب. الظاهرة الثالثة خاصة بأتباع أهل البيت (عليهم السلام) وهي أنَّ عيد الغدير هو عيد الله الأكبر، حيث نصّب به الوصي، وهو العيد الوحيد الذي يتعامل معه المؤمنون على أنه مناسبة دينية عن طريق أداء مراسم الزيارة لمرقد الإمام علي(عليه السلام)، ومبايعته على أنه أول أوصياء النبيّ (صلى الله عليه وآله)، إلّا أنّنا مع ذلك نرجو من هؤلاء المؤمنين (أفراد العائلة، الأقرباء، الجيران، الأصدقاء) أن يصنعوا كما يصنعوا في عيد الفطر وعيد الأضحى؛ وذلك بأن يفعّلوا المعايدة فيما بينهم في هذا العيد سواءً بالمزاورة أم بوسائل الاتصال، وأن يعرّفوا أطفالهم بتفاصيل هذا العيد وأسبابه لا مجرد أنْ يصطحبوهم معهم للزيارة فليس هنالك خير منبثق إلّا من غدير خم، وليس هناك سعادة أكبر من أن نُسعد قلب النبيّ (صلى الله عليه وآله) بمبايعة وصيّه؛ لأنّ عيد الغدير هو الذي أعزّ الحج والصيام وعيديهما، فهو معهما كمَن قال الله (عزّ وجل) عنه: (إِذْ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُمَا فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ فَقَالُوا إِنَّا إِلَيْكُمْ مُرْسَلُونَ)/ (يس:14)، بمعنى أنه لا ينكره إلا مَن لم تصفُ نيته بحجّه وصيامه من قبل.