رياض الزهراء العدد 97 لحياة أفضل
هَفواتٌ اجتماعيّةٌ_ نمطيّة الشكوى
كان ذلك الصباح صباحاً مشرقاً، نهضت من فراشها بنشاط وأسرعت في الدخول إلى المطبخ؛ لكي تعدّ وجبة الفطور لزوجها وأطفالها والابتسامة تعلو ثغرها، وبعد قليل رنّ جرس الهاتف، إنها الوالدة العزيزة, بعد تبادل السلام والتحية بينهما, قالت لها والدتها: إنّ ابنة عمّك سقيمة، وعلينا أن نعودها للاطمئنان على صحتها, فردّت لمياء: حسناً يا والدتي العزيزة سوف أحاول أن أتفرغ في العصر، وأطلب رخصة الخروج من زوجي لكي نذهب سوية, ثم أقفلت لمياء الهاتف, ولكن ما إن انتهت من المكالمة حتى شعرت بالضيق يملأ قلبها، انتبه الزوج لحالها وصاح بها لمياء: لماذا تغيّر حالك، منذ دقائق مضت كنتِ في وضع مريح، هل هي المكالمة يا عزيزتي؟ فخجلت لمياء من نفسها، وأحست بأن أمواج الغضب والحزن تجتاحها, ثم صمتت برهة، وقالت: لا تقلق يا زوجي العزيز سأهدأ حالاً، وبعد وداعها لزوجها إذ ذهب إلى عمله, وذهب أطفالها إلى مدارسهم, دخلت لمياء إلى غرفة الجلوس واستلقت على أحد الكراسي وهي تردّد على نفسها عبارة (لماذا هذه العصبية التي أنتِ فيها؟)، لماذا كلّما أردت الذهاب إلى ابنة عمي أشعر بالضيق في نفسي على الرغم من أني أحبها جداً وأشتاق إليها. فأخذت لمياء تصارح نفسها, إنّ ابنة عمّها كثيرة الثرثرة فيما لا يُسمن ولا يُغني من جوع، وتحمل ثقافة قشرية عن الدين, وتحلّل لنفسها ذم الآخرين واغتيابهم وإلقاء اللوم عليهم، ولا تحاول أن تعذرهم في أفعالهم وأقوالهم، وهي ترى نفسها محصورة في دائرة ظلمهم, فالزوج ظالم وهي تصوّره كأنه سبعٌ ضارٍ لا يحمل في قلبه ذرة رحمة، ومعاملته قاسية مع أولاده, وأولادها غير مهتمين لتضحياتها وعنائها في أعمال البيت, وأهل زوجها يحقدون عليها, وأهلها مقصرون في زيارتها وتسهيل أمورها. إنّ مثل هذا النموذج قد يوجد كثيراً في مجتمعاتنا الحالية؛ لسوء الظن بالآخرين، وعدم مراعاة التقية في التكلّم عن الغير, وعشق دور المظلومية, فلا تسمحي لمثل هذه النماذج أن تصدّر إليك كلّ طاقاتها السلبية، وتبعدك عن الهدف الأسمى الذي من أجله خلقت، وهو بناء أسرة مؤمنة ومتماسكة. فالزوجة المؤمنة هي مَن تصون أسرار زوجها وعيوبه، وأهله، وعليها ألّا تحطّ من كرامته وكرامة أهله أمام الآخرين في مناسبة ومن غير مناسبة، والأهل هم السند وإن كان فيهم التقصير, والأولاد زينة الحياة الدنيا وبتربيتهم الصالحة نضمن الجنة, التشاؤم والأفكار السلبية عندما تطوق حياة الإنسان تثبطه عن أداء دوره في خلافة الأرض، وعلينا كأفراد أن نشجع مثل هؤلاء الشريحة بأن يكون لهم هدف متميّز في المجتمع؛ ليعيشوا لذة العطاء، ويقلّ لديهم حبّ الأنا, بتشجيعهم على رسم ابتسامة في وجه يتيم أو تفريج كربة إنسان مسكين, فذلك يبعث السرور لديهم ويفرغ الطاقات السلبية عندهم، فإنّ نفع الناس وإنقاذهم من حالة التشاؤم والثرثرة التي تحوطهم أفضل, وليكون لهم حضور متميّز في المجتمع.