أَرَى

منال السيد/ لبنان
عدد المشاهدات : 186

في التحامنا الاجتماعي وانسجامنا الروحي وتوافقنا الفكري، أرى أننا نستطيع أن نُكوّن مجتمعاً متماسكاً، نجمع فيه طيفاً متنوعاً يثمر عنه إنسان واعٍ، هو محور الحياة. ------------ هَمسَةٌ نَاعمَةٌ_لا نجاح بلا نجاح يظلّ النجاح هو بقعة الضوء التي تسعى إليها كلّ نفس مطمئنة, فالجميع يسعى إليه سعياً حثيثاً, وطرق أبوابه حتى وإن كانت مؤصدة. إلّا أنّ هناك شركاً خفياً يسكن بين زوايا النّجاح ذلك المطلب العظيم، وهو أن ننشغل بالنجاح الدنيويّ عن الفلاح الأخروي, وننجرف بتيارات النجاح والتوفيق والتقدير إلى أن ننسى أو نتناسى أنّ هناك غاية أسمى وهدف أرقى من النجاح الدنيويّ. فلقد ذكر لنا المنهج الإسلامي عن بطله الإمام علي(عليه السلام): "الدنيا مطية المؤمن، عليها يرتحل إلى ربه، فأصلحوا مطاياكم تبلغكم إلى ربكم".(1) فالمسلم يجب عليه محبة الحياة من أجل العطاء, ولكن ليس على حساب العطاء الأخرويّ، فيجب أن يكون نجاحه في الدنيا سبباً مباشراً في نجاحه الأخرويّ, وذلك عن طريق التزامه بمنظومة تقويم النفس، والتنمية المستمرة للضمير، والتعامل مع النفس البشرية بيقظة تامة في إدبارها وإقبالها. وإنّ ما نطمع في أن تنتبهي له وأنتِ تسيرين في الحياة هو الاهتمام بالنجاح والعمل من أجل الرقيّ, وأن تجعلي من شخصك رقماً صعباً لا يمكن التنازل عنه، وأنّ أفضل الأساليب في التعامل مع الدنيا هو معرفتها على حقيقتها؛ لأنها محطة نستقلّ بعدها قطار اللاعودة، حيث نسكن في دار الخلد, وأنّ النجاح يجب أن يستتبع الفلاح. .............................. (1) شرح نهج البلاغة: ج20، ص317. ------------ هُمومٌ تربويّةٌ_آباؤنا.. وفخّ النوايا الحسنة أعظم ما يمنح الآباء لفلذّات أكبادهم هو الحبّ الخالص الذي يقيّد بشرط جزائي ولا يتبع بـ (لكن)، فعلى الرغم من أهمية ذلك الحبّ إلا أنه وحده لا يكفي؛ فنوايا الآباء وإن كانت حسنة لا تستطيع أن تغطّي الفضاء التربويّ, أو تكفي زاداً لمواجهة الحياة. فميراث أبناء الجيل الذي نعيشه يحتاج إلى أن يغربل, لنأخذ منه الغثّ والسمين بما نستلهمه من التراث الإسلامي والمداد السماويّ؛ لنتقوّى به أمام توحش الحياة. فالحياة لمَن فقه ليست شراً خالصاً, فقد تكون الباب إلى النجاح الدنيويّ لنكمل طريق الفلاح الأخروي شريطة أن نعي ما تمثّله الحياة في الميزان, وتدرك نفوسنا أنّ الصفحة الأخيرة ليست تلك الصفحة التي تنتهي بوفاتنا ومغادرتنا للحياة، وإنما هناك فصل آخر في الآخرة، نعمل له عمله ونضعه في حسابنا عند التقييم أو الاختيار. ------------ هِباتٌ نَفسِيّةٌ_في مملكة النفس البشرية الأشخاص الانسحابييون هم الذين يتعرضون إلى الضغوط التي يفرون منها هرباً، ملقين بالمسؤولية على غيرهم؛ لذا وضع العلماء العديد من الأساليب والمهارات التي تُساعد على التحكم بالنفس، والتنفيس عن هذه الضغوط عن طريق: 1. وضع الضغوط على ورقة تصف من خلالها وبجملة واحدة المشكلة، ثم تفكر في العلاج لكلّ سبب وتدوينه بشكل مختصر، فمن خلال التدوين تظهر الحلول الناجعة في الأفق. 2. قراءة القرآن الكريم والاتعاظ بالعبر والدروس التي ذُكرت فيه. 3. الوضوء أيضاً يُطفئ التوتر والغضب وينعش النفس ويطمئنها. تلك أفكار بنّاءة تُساعد على التحكم بالذات والتحرّر من الضغوط، لنمتلك زمام النفس في محكّ الابتلاء والتجربة؛ لنتخرج أقوياء، صابرين، ملتزمين بترتيل كلمات (يا سريع الرّضا اغفر لمَن لا يملك إلا الدّعاء). بقعة ضوء "قد نحتاج إلى ترك بعض الأطعمة لتبرد قليلاً، كي يسهل علينا أكلها، فلنترك بعض الخلافات تهدأ قليلاً؛ ليسهل علينا حلّها".