صِناعَةُ السَّماء
من دارٍ بمكةَ وبيتها العتيق تسربلتْ آلام للفراق بقلب الرسول تسربلا.. فمكرت قريش مكراً بضياع دم طه بين بطون مكة وشعابها.. وأبى الله لنبع الرحمة أن يجفّ.. تجلّى علي في وجه النبيّ منقذاً؛ لأنه من صُنع السماء، فمَن صنعته السماء لا تهدمه الأرض.. مفاجئاً في الكف نفساً؛ لتسلم نفس محمد.. ليكون أبو تراب من السابقين المقرّبين.. وبتناسخه في مكة عن الرسول ظهر بستان من المعالي، وروح من العرفان وإحسان يتجدد.. ويكون كلماً طيباً أوحت به السماء إلى أبي الخُلق محمد.. وينال غار ثور شرف الاستقبال، بعد سماع صوت كعبي أبي الخُلق محمد.. مسدلاً ستائر من نِعم الرحمن تحرسها عينُ مَن لا ينام.. ليكون في أرض طيبة شمسٌ أصفى من الشمس.. فبعد الأمانات هجر يثرب مَن روحه في محمد قد ذابت، وعن معناه ما تابت.. لتجاهد اللغة الفصحى بين يده إذا لمع ذو الفقار.. مكوراً آلاف الموازين في طيبة، عِمّة تعلو على الرأس.. بانية طيبة في صُلب الإسلام عهداً مطهّراً.. وتنمو لتجني مهابةً تناثر منها العزّ ورداً وعنبراً.. ماشية الوِتر خلفكما تعلو ممشوقة الخُطى صعوداً على متن طيبة إلى الذرى.. لتفيض من الأجداث كلّ إنسانية في التآخي بين السيّد والعبد.. فرآك الغيب تجني في التآخي بين الحبشيّ والخثعميّ مثالاً.. ليعجز القاموس والمعجم قد شاب..