المَرأَةُ العِرَاقِيَّةُ وَفَنُّ الكروشية

فاتن القصاب
عدد المشاهدات : 473

أدهشتني أعمالها الفنية وأنا أشاهد لها صوراً عند إحدى الصديقات، إذ كانت نتاجاتها عبارة عن أعمال خاصة بفنّ الكروشية, هذا الفن الرائع الذي انتشر في القرن التاسع عشر في أوربا, وتساءلت في نفسي عن براعة المرآة العراقية وحرصها على الإلمام بهذا الفن الساحر للعيون, وهي مصممة على الاحتراف له, إذ تحوّل خامات الخيوط البسيطة المتوافرة لديها إلى لوحات فنية, على الرغم من افتقارها إلى تعلّمه في مدارس ومعاهد خاصة به. أحبت مجلة رياض الزهراء (عليها السلام) أن تكشف أكثر عن أسرار هذه الأنامل البديعة وخباياها بهذا الفن، وهي تصنع من تشابك الخيوط مع بعضها فساتين ومفارش عديدة وجذّابة! بداية أحبّ أن أتعرّف على هويتكِ الشخصية؟ أنا (فائزة ساهر) خريجة دبلوم هندسة، الحالة الإجتماعية متزوجة ولدي بنتان. فنّ الكروشية فنّ راقٍ، فمن أين كانت بداية تعلّمك له؟ بدايتي كانت منذ الطفولة, إذ تتملّكني رغبة قوية في لفّ الخيوط حول الصّنارة، وأحبّ تشابكها مع بعضها، فعمدت إلى طلب المساعدة من معلّمات الفنية، وذلك في المراحل الدراسية وحقيقة لم يبخلنَ في تعليمي وتوجيهي, كما زرعنَ الثقة في نفسي عن طريق إطرائهنّ المتواصل على أعمالي, وكانت باكورة أعمالي مقتصرة على الأهل والأصدقاء فقط. ما هي السبل لتطوير عملك؟ في الماضي كنتُ حريصة على اقتناء المجلّات المستوردة والمختصة في نوعية هذا الفن, أمّا حالياً فالانترنت سهّل كثيراً هذه المَهمة، وأصبح بمقدوري التعرّف على آخر صيحات (الموضة) لهذه النوعية من فنّ الحياكة. خيوط الصوف هي الخامة الوحيدة التي تستخدمينها؟ استخدم العديد من الخيوط، منها خيوط البرسيم، والخيوط القطنية، فضلاً من الصوفية، وأزيّن أعمالي ببعض أنواع الخرز، وأشرطة الستان، لتبدو الأعمال أكثر حداثةً وتميّزاً. ماذا تطوي حقيبة أناملك المبدعة من نتاج غير المفارش؟ وكم يستغرق العمل في القطعة الواحدة؟ أنا أتفنّن في حياكة فساتين الأطفال، وفساتين البنات، وكذلك أعمل (كوشات ولفّافات، وشالات، وقبعات مختلفة من حيث العمر والشكل، وأحذية للأطفال الرضّع حتى قرّاصات للبنات الصغيرات), أمّا المدة الزمنية فهي مختلفة لكلّ قطعة بحسب حجم الغرز المستعملة كبيرة أو صغيرة, وكذلك بحسب نوع الخيوط سميكة أو ناعمة. هل تلاحظين تجاوب من قبل الناس على نوعية هذه الأزياء والأعمال؟ نعم هناك تجاوب كبير من قبل مختلف الطبقات؛ وذلك لجاذبيته بأشكاله المتعددة، وتداخل أكثر من لون في القطعة الواحدة. هل حاولت عرض أعمالك في معارض؟ شاركت في معرض (أنا امرأة)، وكانت مشاركة لطيفة وقيمة، وتجربة مفيدة، وقد تم نقلها على قناة السلام، وصراحة أنا لم أحضر الافتتاح، وأرسلت ابنتي التي لها الميول نفسها في الاحتراف بهذا الفن، وقد تمّ اللقاء معها نيابةً عني، ولقد لاقت إعمالي صدىً طيّباً عند الحضور, كما تمّ عرض ذلك المعرض على قناة العراقية، ولقد كان بإشراف السيّدة (ديان سلام يونس). لقد مثّلت (فائزة ساهر) نموذجاً طيباً للمرآة الذكية التي تحرص على الاستفادة من أوقات فراغها في أثبات نفسها عن طريق ما تنتجه أناملها من إبداعات في فنّ الكروشية, لتفيد نفسها أولاً بما تدرّ عليها هذه الهواية التي تحوّلت بمرور الزمن واكتساب الخبرة إلى حرفة من أموال، وعلى مجتمعها من إنتاجات تزيّن به بيوتهم وتعد كسوة لهم, فهي صوت يدعو إلى أهمية إدارة الوقت في مجتمعاتنا التي ويا للأسف الشديد لا تعير للوقت أهمية قصوى في حياتها.