رياض الزهراء العدد 102 نساء حول الزهراء (عليها السلام)
أُمَامَةُ.. وَصِيَّةُ الزَّهرَاء (عليها السلام)
أمامة بنت زينب ربيبة النبيّ محمد (صلى الله عليه وآله)، وكان العرب يزعمون أنّ الربيبة بنت؛ فلأجل ذلك نُسبتا ـ زينب ورقية ـ إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله)(1). وهي إحدى النساء اللواتي مررن في حياة سيّدة النساء (عليها السلام)، وهي من العائلة المباركة، فهي ابنة ربيبة المصطفى (صلى الله عليه وآله) وقرينة المرتضى (عليه السلام)، وهي من بعد ذلك وصيّة السيّدة الزهراء البتول (عليها السلام). إنّ هذه الإنسانة المؤمنة لا تظهر سيرتها المقتضبة في سطور الروايات التاريخية إلا لماماً، ولولا وصية فاطمة (عليها السلام) الشهيرة في أن يتخذها الإمام علي (عليه السلام) زوجة من بعد وفاتها؛ كونها الأقرب إلى أولادها ما وجدنا ما يُروى عنها. ولقد علمنا أنّ سيّد الأوصياء (عليه السلام) لم يتخذ زوجة أخرى في حياة سيّدة النساء (عليها السلام)، ولكنه عملاً بوصية أمّ الحسن (عليها السلام) تزوّج من بعدها بعدة زوجات، وكانت أمامة الزوجة الأولى بعد الزهراء (عليها السلام). حيث ذكر أنّ الزهراء (عليها السلام) قالت للإمام علي (عليه السلام): يا بن عمّ رسول الله أُوصيك أولاً أن تتزوج بعدي بابنة أختي أمامة، فإنها تكون لولدي مثلي، فإنّ الرجال لابدّ لهم من النساء.(2) وقد ذكرت الكثير من المصادر أسماء أولاد أمير المؤمنين (عليه السلام) وعددهم وأخبارهم، فلم يكن لأمامة ولد من الإمام علي (عليه السلام). وعلى الرغم من قلّة ذكر هذه السيدة المؤمنة في المصادر التاريخية، حيث لم يُوثق لحياتها قبل زواجها من الإمام (عليه السلام) وبعده، بقيت وصيّة الزهراء (عليها السلام) بضرورة زواج عليّ (عليه السلام) منها هي القول الأشهر عن وجودها في حياة الزهراء (عليها السلام)، ويظهر من وصية الزهراء (عليها السلام) بها أنها كانت الأقرب إلى قلبها وقلوب أولادها، وهناك قولان أو روايتان يذكرهما المجلسيّ عن هذا الأمر، ففي رواية أنّ الزهراء (عليها السلام) أوصت إلى علي (عليه السلام) بثلاث إحداها: أن يتزوج بابنة (أختها) ـ أي زينب ربيبة الرسول (صلى الله عليه وآله) أمامة لحبّها أولادها، والقول الثاني إنها قالت: "أُوصيك أن تتزوّج بأمامة بنت أُختي زينب ـأي زينب ربيبة الرسول (صلى الله عليه وآله) تكون لولدي مثلي"(3). ومن فحوى القولين نستشف مدى اعتزاز السيّدة فاطمة (عليها السلام) بها، وكيف أنّ أمامة ستكون لأولادها كما هي رؤوفة رحومة لأنها تحبّهم. لقد تقاسمت أمامة ليالي الإمام علي (عليه السلام) - نزولاً عند وصيّة الزهراء (عليها السلام) - مع أولاده في أن يكون لها ليلة من ولهم ليلة مبيت، ولكن أمامة في قلب فاطمة (عليها السلام) كانت كالحسن وأخيه وأخواته؛ لأنها بنت زينب الأثيرة لديها. ولقد امتدّ اعتزاز الزهراء (عليها السلام) بأمامة إلى الإمام علي (عليه السلام) الذي اشتهر عنه القول: "أربع ليس لي إلى فراقها سبيل، بنت (أبي العاص) أمامة، أوصتني بها فاطمة بنت محمد (صلى الله عليه وآله).."(4)، ولم تحدّثنا الروايات بحديث واحد ينتهي سنده إلى السيّدة أمامة مع أنها ابنة ربيبة النبيّ (صلى الله عليه وآله) وربيبة الزهراء (عليها السلام) وزوجة الوصي (عليه السلام). وقد وردت روايات حول زواجها بعد استشهاد أمير المؤمنين (عليه السلام)، وهذا ما تنفيه الروايات المؤكدة، فقد خطب المغيرة بن نوفل أمامة، ثم أبو الهياج بن أبي سفيان بن الحرث بن عبد المطلب، ولكن فروت عن علي (عليه السلام) أنه لا يجوز لأزواج النبيّ والوصيّ أن يتزوجنَ بغيره بعده(5)، وماتت سنة 50هـ. .................. (1) بنات النبيّ (صلى الله عليه وآله) أم ربائبه: ص65. (2)بحار الأنوار: ج18، ص138. (3)مستدرك سفينة البحار: ج4، ص317. (4)بحار الأنوار: ج18، ص132-138. (5)الأنوار العلوية: ص450.