الإِعلَامُ المُضَلِّلُ والشَّبَاب_مغناطيس الانتباه في الإعلان

د. إيمان سالم الخفاجي
عدد المشاهدات : 210

المغناطيس الإعلاني: لفظ أو كلمة قد تستخدم للتضليل والتشويه في عدّة جوانب تخصّ حياة البشر بأنواعهم الشباب، والأطفال، والنساء، والرجال، والشيوخ، والبنات، والبنين. ومن هذه الجوانب المال أو الوظيفة أو الصحة أو العائلة، وغيرها من الجوانب المتعلقة بحياة الإنسان والتي قد تكون أكثر دقة وتأثيراً في حياة البشر، كاسم ماركة معينة أو صفة محددة، أو أيّ شيء آخر يحبّ البشر أن يسمعوه ويتوقعوه. فالمغناطيس المعلّق في الذهن يلتقط كلّ إشارة مرتبطة بأيّ شيء نختاره أو نريد شراءه، فالعقل الباطن يرفع من نسبة استجابة حواسّنا لما نحبّ، وأحياناً لما نكره، فتتحول آذاننا فجأةً إلى رادارات تسمع من الحديث المشوّش الكلمة التي نحبّها بكلّ صفاء، وتتحول عيوننا إلى مجاهر تلتقط وسط الزحام ما نريد رؤيته كالمغناطيس. ووجد عن طريق التجارب أنّ بعض المفردات تملك مغناطيس خاصاً ذا قوة أكبر في جذب الانتباه عندما توضع في ضمن النص بشكل عام، حتى لو كانت منمّقة أو كاذبة، وكذلك يُدعم هذا الإعلان بالصور وجميع أنواع المؤثّرات الأخرى، وليس مجرد نصّ جامد فقط ممّا يلقي انتباهاً وسيطرة على طبيعة المفردات التي تُستخدم، فأولى مَهماته هي تضليل الناس لإنجاز المهمّة في ترهيب السمع وترعيب النفس وترغيب النظر، إذ يتعمّد المضلّلون إلى إخفاء الحقائق عن الجمهور كي لا يتأثروا بها، ومن الأمثلة على ذلك تضليل ثورة الإمام الحسين (عليه السلام) وامتدادها التاريخي، ولابدّ من إثارة هذا التساؤل المهم وهو: أنّ الأمة التي كانت للتوّ ترى النبيّ (صلى الله عليه وآله) يحمل الحسين (عليه السلام) على كتفه ويقول: «أحبّ الله مَن أحب حسينا»(1)، كيف انقلبت عليه وخذلته بل وقتلته؟ وكيف استطاع الأمويون ترويج إشاعات كاذبة مثل أنّ الحسين قُتل بسيف جدّه؟! ثم كيف تمّ تغييب الحقائق إلى يومنا الحاضر عن شريحة كبيرة من الناس؟ وكذلك اتفاق القنوات الفضائية العربية على عدم تغطية شعائر الأربعين بعد الضجة الكبيرة التي حصلت في الأربعين وبخاصة بعد سقوط الطاغية، والأثر الكبير الذي تركه في نفوس الملايين وعقولهم، وهذا ما دفع هذه القنوات إلى اتخاذ قرار بالتعتيم وعدم نقل أيّ شيء له علاقة بإحياء ذكرى الإمام الحسين (عليه السلام). ومن الأساليب المهمة في زماننا الحاضر التلاعب بالكلمات وصياغتها لإيصال رسائل خاطئة، ومن الأمثلة على ذلك التلاعب في عناوين الأخبار، وهو أسلوب شائع تحاول كلّ جهة من خلاله إبراز ما تريد إبرازه وإخفاء ما تريد إخفاءه، إضافةً إلى إيصال الرسالة التي تؤمن بها، ومن ذلك ما نشرته إحدى القنوات قبل عدة سنوات عن مراسيم إحياء زيارة عاشوراء في البحرين تحت عنوان: (البحرينيون الشيعة يستوردون الحزن والبكاء من العراق) لتوحي إلى المتلقي عن طريق العنوان أنّ إحياء عاشوراء طارئ على شعب البحرين، وأنّ الإحياء مقتصر على العراق. الاهتمام بالخلافات في الإعلان والإعلام المضلّل ومغناطيس الانتباه: إننا بحاجة للخلافات أحياناً لمعرفة ما يخفيه الجانب الآخر أو الآخرون في قلوبهم، وقد نجد ما يجعلنا في ذهول أو قد نجد ما ننحني له احتراماً وإجلالاً وأوضح مثال على ذلك ما جسّده لنا الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) والعترة الطاهرة (عليهم السلام) في مبدأ التعايش والعفو والتسامح حتى مع أعدائهم، واستخدام الخلاف بشكل إيجابي، وهذا هو أمر صحيّ لتعزيز العلاقات البشرية، لكن الإعلام المضلّل يحاول إعطاء الاهتمام الخاص بجانب ترويج الخلافات لصالحه، ويرفض التسامح ولا يلوّح به؛ لأنه مضرّ لمصالحه الكيدية، ويحاول دائماً الإيقاع بين فئات المجتمع؛ ولذا نراه مهتماً بصناعة الطبقية والفئوية في المجتمع الواحد، بينما نرى أنّ التسامح والإرادة مسؤولية تقع على مَن لديهم اهتمام بهذا الشعور النبيل الذي أوصانا به ديننا الإسلامي السمح، فيقول الوصيّ أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام): «أعقل الناس أعذرهم للناس».(2) ……………………………… (1) ميزان الحكمة: ج1، ص163. (2) ميزان الحكمة: ج3، ص76.