مَنْعُ جِهَازِ المَحمُولِ فِي المَدَارِسِ بَينَ الرَّفضِ والقَبُول

آلاء سعيد العيدني/ النجف الأشرف
عدد المشاهدات : 274

مع تطور العصر وتسارع التكنولوجيا في ابتكاراتها أصبح جهاز المحمول لا غِنى عنه؛ كونه وسيلة للتواصل في هذا العصر، ويعدّ من الممتلكات الشخصية للفرد ولا غِنى عنه في أيّ حال من الأحوال، فلم يُخصّص جهاز المحمول للفرد البالغ فقط، بل شمل حتى الأطفال دون سنّ الوعي، فلا غرابة إن شاهدت طفلاً لم يتجاوز العشر سنوات يمتلك هذا الجهاز ويتقنه بصورة ماهرة وأفضل ممّن يكبره سناً في بعض الأحيان، وهذا الأمر لم يتصوّره بعضهم أمراً خطيراً، بل ينظرون إليه من باب الذكاء إن أتقن برامج هذا الجهاز وأبدع فيها، وإن كان هذا إيجابياً بحدّ ذاته، فسلبياته أكثر نظراً لتعدّد البرامج التي في الجهاز ولاسيّما إن توفر فيه الانترنت لذلك العالم الواسع بسلبياته وإيجابياته، فمن الضروريّ المراقبة المستمرة من قبل الآباء والأمهات كونهم المسؤولين عنهم أمام الله. وبما أنّ المدرسة البيت الثاني للطفل، وهي التي تحافظ عليه وتؤهّله بصورة صحيحة للمستقبل، وتكمل دور أولياء الأمور في التربية فقد أولت عناية كبيرة في هذا الموضوع والحدّ من اصطحاب جهاز المحمول إلى المدرسة، ولأجل أهمية هذا الموضوع سلّطنا الضوء عليه لنتعرف عن طريق الآراء التي شاركتنا على صداه في المجتمع. (آراء متباينة) الوقفة الأولى كانت مع (نوال الشيباني/ معلمة) والتي قالت: يعدّ استخدام جهاز المحمول في مرحلة مبكرة لدى الفرد شيئاً إيجابياً وبخاصة نحن في ظل التطورات الكثيرة، ولكن سوء الاستخدام وعدم المراقبة قد يسبب ضرراً في داخل المدرسة؛ لأن الوقت الذي يقضيه الطالب في المدرسة طويل، ولاسيّما مع أقرانه الذين قد يؤثرون فيه سلباً، وهذا سوف ينعكس على السلوك من ناحية وعلى المستوى العلمي من ناحية أخرى. فيما وافقتها السيّدة (صابرين عبد الزهرة/ أستاذة جامعية) قائلةً: إنّ فكرة اصطحاب الطالب لجهاز المحمول إلى المدرسة هي بحد ذاتها خطر كبير على المستوى العلمي وهو في بداية مسيرته العلمية، أضف إلى ذلك قد يتعرّف على طلاب يرشدونه إلى برامج غير لائقة في وقت لا تكون عليه رقابة لا من الأهل ولا من إدارة المدرسة التي لا تعلم بوجود المحمول الذي يدخل خفاءً. قالت الأخت (ابتسام سلمان/ معلمة): تعدّ المرحلة الابتدائية هي أساس الطالب في صقل ذهنه بالمعلومات القيمة للمستقبل، فإذا انشغل الطالب وهو في هذه المرحلة بأمور بعيدة عن الدراسة كجهاز المحمول والانترنت يكون قد أدمن عليها ولا يستطيع تركها، فيصحب المحمول معه إلى المدرسة خلسة وهنا تكون كارثة عظمى، فيجب على الأهل أن يمنعوا امتلاك جهاز المحمول لأبنائهم حتى مرحلة النضوج. أمّا (منتظر طارق/ مدرس) فقد خالف رأيه عمّا سبق من الآراء قائلاً: إنّ فكرة اصطحاب الطالب جهاز المحمول إلى المدرسة هو أمرٌ مهمٌ وواجب لابدّ منه؛ ليتسنى للطالب التواصل مع ذويه ولاسيّما نحن في أوضاع غير مستقرة، وبعض التلاميذ تكون أماكن سكناهم بعيدة عن مكان المدرسة، فيستلزم أخذ المحمول معه، لكن هنا واجب المدرسة في توفير أمانات للتلاميذ ليسهل عليهم اصطحابه مع وضع شروط للحالات القصوى. وأشارت ((ف.ع)/ مديرة مدرسة) في حديثها: إنّ قرار منع جهاز المحمول في داخل المدرسة للتلاميذ على وجه العموم سواء كانت المدرسة (ابتدائية أم متوسطة أم إعدادية) هو أمر صائب، وما أصدرته وزارة التربية إلّا بداعي المحافظة على المستوى العلمي للطلاب على حدٍّ سواء، فيجب على إدارة كلّ مدرسة أن تضع نقطة تفتيش للتأكد من عدم وجود جهاز المحمول لدى الطالب، فإنّ أغلب الطلاب ليس لديهم الوعي الكافي بالأمور التي تكبرهم، ولا يملكون حسن تقدير الموقف بشكل جيد، إذ إنّ بعضهم يقوم بتصوير المعلّمين من دون علمهم داخل الحصة الدراسية، ويؤدي ذلك إلى نشر الصور في مواقع التواصل الاجتماعي أو نقلها إلى ذويهم بداعي الاستهزاء وهذا على نحو العموم، أمّا إذا اختص الموضوع بمدارس البنات فالأمر أخطر من ذلك إن كان هناك تصوير وتبادل للصور وما شاكل ذلك، وكلّ هذا يؤدي إلى مشاكل معقدة. شاركونا الرأي مَن هم طرف رئيسي في هذا التحقيق، وهم شريحة من الطلبة الذين عبّروا عن رأيهم بضرورة اصطحابهم لجهاز المحمول: وأشار (محمد عباس/ طالب ثانوية) إلى أن: من الضروري أن نصطحب المحمول معنا داخل المدرسة لاحتياجنا إليه عند التأخر في دروس إضافية وما شابه ذلك. فيما أعرب (سامر عباس/ طالب إعدادية) قائلاً: إنّ احتياج الطالب للمحمول ضروري ولابدّ منه ولاسيّما نحن نعيش في أوضاع أمنية غير مستقرة، وأماكن سكنانا بعيدة عن المدرسة، فنحتاج جهاز المحمول لنتواصل مع ذوينا. أمّا أولياء الأمور فكان لهم مشاركة في التحقيق، وكان اللقاء الأول مع أبي أحمد والذي قال: أنا أعدّ هذا الجهاز من الأجهزة الخطرة خصوصاً بيد الأطفال دون سنّ الرشد؛ لأنّ البرامج غير المفيدة والانترنت الذي فيه يهدم ما تبنيه المدرسة، فعلى الأهل منع أبنائهم من حمل هذه الأجهزة ليواصلوا مسيرتهم العلمية، أمّا إذا كانوا يحملونها فمن الصعب على المدرسة السيطرة على الطالب الذي يصطحب المحمول معه. أمّا أمّ سارة كان لها وجهة نظر مختلفة، فقد رأت أنّ وجود جهاز المحمول أمرٌ ضروريّ لدى الطالب فأضافت قائلةً: إنّ لديّ بناتاً دون سنّ العاشرة، فاضطرّ لإعطاء الكبيرة منهنّ جهازاً محمولاً لأطمئنّ عليهنّ في وصولهنّ وعند خروجهن من المدرسة، ونوع المحمول فقط اتصال، ولا يحمل أيّ برامج حديثه ولا تقنية جديدة، فأنا تكلّمت مع مديرة المدرسة وسمحت لي بأن يصطحبنَ المحمول شرط أن يكون في الإدارة المدرسية. السّيّد أبو فاطمة عبر عن رأيه متحدثاً: إنّ جهاز المحمول بتعدّد أنواعه وأصنافه ومسمياته وألوانه ضروري إلّا أنه يعمل على هدم كلّ القيم الأخلاقية والدينية ما لم يُحسن استخدامه بصورة صحيحة، وبما أنّ الطالب في المرحلة الدراسية فيجب إبعاده عن جهاز المحمول وجميع التقنيات الحديثة لأنها تشغله وتشتّت فكره عن مجال التعلّم والدراسة، فأرجو من جميع أولياء الأمور أن يدركوا حقيقة خطر المحمول على مستقبل أبنائهم. ويبقى الطفل متلقياً جيداً يلتقط كلّ التفاصيل بسلاسة؛ لذا فهو صفحة بيضاء يلتقط كلّ ما يمرّ به، فمن الضروري تغذيته بقيم الدين الإسلامي الحنيف، لذلك أولت الشريعة الإسلامية التربية وكلّ ما يؤثر في أخلاق الطفل مستقبلاً جانباً كبيراً من الأهمية، لذا وجب على أولياء الأمور أن يعلّموا أولادهم؛ لأن التعلّم في الصغر كالنقش على الحجر، فإن مُلئ فكره منذ الصغر بتعاليم الدين الحنيف ومخافة الله (عزّ وجل) فلا مخافة عليه مستقبلاً مهما كانت لديه تكنولوجيا حديثة.