أَرِيجٌ مُحَمَّدِيّ

زهراء حكمت/ كربلاء المقدسة
عدد المشاهدات : 152

انقضت أيام عاشوراء ومحرم وأصبح القلب الصغير للطالبات بنبضه عبّاسياً حسينياً، فبذرنا في ذلك القلب الصغير بذرة سنبقى نسقيها في كلّ شهر بحبّ أهل البيت (عليهم السلام) لتؤتي ثمارها النضرة الناضجة. والآن هلّت علينا أعياد شهر الولادة الميمونة للحبيب المصطفى أبي القاسم محمد (صلى الله عليه وآله) وإمامنا جعفر الصادق (عليه السلام)، وبهلاله ازدهى القلب الصغير؛ لأنه يرى كلّ ما حوله مستبشراً وجميلاً كيف لا وهي إشراقة منقذ البشرية من الظلمات إلى النور، وبدأنا بالنصائح لنصحّح بعض المعلومات لطلابنا في ذلك الأسبوع المشرق أسبوع الوحدة المحمدية. كان الاصطفاف كالعادة مزدهياً بالأهازيج والأفراح والفعاليات التي تنوعت بين شعر ونثر، والأعداد أيضاً تنوعت فجزء من الطالبات العزيزات والباقي من المعلّمات الكريمات، ومن بعد ذلك كان الدخول للدرس، فدخلتُ مهنئة حاملة لكلّ طالبة وردة حمراء لتحمل لها أريج الحبيب وشذى أفعاله وأقواله، وبدأ الدرس الإنشائي الذي تحدثتُ فيه بأمور عدة: أولها غُرر من القرآن الكريم يتوّجها قوله تعالى لحبيبه المصطفى (صلى الله عليه وآله): (وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ)/ (القلم:4)، وقوله تعالى: (..وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ..)/ (آل عمران:159)، وقوله تعالى: (إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ..)/ (القصص:56). ولحقتها باقات من الأحاديث القدسيّة، منها الحديث القدسيّ: «يا أحمد! لولاك لما خلقت الأفلاك، ولولا علي لما خلقتك، ولولا فاطمة لما خلقتكما».(1) لأدلّل لهنّ بأنّ الرسول (صلى الله عليه وآله) وآله (عليهم السلام) علّة الكون، وسبب وجوده الأعظم. حلّقن الطالبات بدنيا الحب والغرام لبدر التمام، وانتشر عبق محمدّي في الأرجاء، وزاد الأمر هيبة بإخباري لهنّ أنّ الملائكة حاضرة معهنّ لتسمع وتسجّل الأجر والثواب. طافت الأرواح بعالم الشكر والامتنان لتلك الرحمة المهداة للأمة جمعاء، وزاد الاعتزاز بالنفس والدين؛ لأننا نحمل شرف كوننا من أمّته (صلى الله عليه وآله) الناجية، لكن في هذه الأثناء انقطع ذلك الحلم الورديّ بسؤال إحدى الطالبات الذكيات مستفهمةً؟ معلمتي إذا كان الرسول (صلى الله عليه وآله) هو الهادي والبشير والنذير، وإذا كان مجيؤه للناس رحمة ونجاة، إذن لماذا لم تسلّم الخلافة للإمام علي (عليه السلام)؟ ولماذا تُضرب ابنته السيّدة الزهراء (عليها السلام)؟ ولماذا يُسمّ الإمام الحسن (عليه السلام)؟ ولماذا يُقتل الإمام الحسين (عليه السلام)؟ واعتلجت بالروح حسرات، وترقرقت بالعين دمعات، فأجبتها قائلةً: نعم يا حبيبتي ذلك من حقد الحاقدين، وظلم الظالمين، وهم موجودون بكلّ وقت وزمان، ولهذا نريد أن نعرف الحقّ وأصحابه لنكون معهم، ونعرف الباطل وحزبه اللعين لنتبرأ منهم، ولا نغفر لهم ما فعلوا بظلمهم لنبيّ الأمة محمّد (صلى الله عليه وآله) وأهل بيته (عليهم السلام). وأخيراً ختمنا بالرجوع إلى ذلك النور العظيم بإيضاح بعض المفاهيم المغلوطة التي تُدرّس في المناهج وقلت: حبيباتي ليس النبيّ بأميّ، بل هو يقرأ ويكتب بكلّ اللّغات، لكنه سُمّي بذلك نسبةً إلى مكّة (أمّ القرى) والمعلومة التي تدرسونها بأنّ الرسول (صلى الله عليه وآله) خاطب الملك جبرائيل (عليه السلام) بالقول: ما أنا بقارئ، عندما قال له: اقرأ أيضاً مغلوطة؛ لأنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله) مطيع لأمر الله تعالى، وأيضاً المعلومة التي تقول: إنّ سيّدتنا ومولاتنا خديجة (عليها السلام) متزوّجة من قبل زواجها بالرسول (صلى الله عليه وآله)، وأنها تكبره بالعمر، فهي معلومة خاطئة، فقد كانت بكراً، وتزوّجها الرسول (صلى الله عليه وآله) وهي بعمر 25 سنة.(2) وبعد كلّ ذلك وبتثبيت بعض المعلومات والأحاديث النبوية على السبورة دقّ الجرس وانتهى الدرس ووجدتُ لهفة عارمة لدى الطالبات فأخبرتهنّ أنّ الدور لهنّ، وسأستمع لما يكتبنَ ويتحدثنَ عن الرسول الحبيب (صلى الله عليه وآله) في الدرس القادم. ولهذا الحد انتهت حصتنا الإنشائية لنستمر بريّ البذور الحسينية بماء الرحمة المحمدية المهداة. ........................... (1) فاطمة بهجة قلب المصطفى (صلى الله عليه وآله): ج1، ص3. (2) أزواج النبيّ (صلى الله عليه وآله) وبناته: ص28، 30.