رياض الزهراء العدد 102 نافذة على المجتمع
أَفكَارٌ تَتَحدَّى وَأَهدَافٌ تَرسُمُ لَنَا البَرَاعَةَ فِي عَالَمِ الاستِثْمَارِ الزِّرَاعيّ
في حديث لـ (رياض الزهراء (عليها السلام)) خيرات الكفيل استراتيجية مقترحة وأبعاد مستقبلية لسلّة غذائية عضوية صحية متنوعة. تؤدي السياسة الزراعية التي تنتهجها أيّ مؤسسة من المؤسسات دوراً كبيراً في توجيه وتخصيص الموارد الاستثمارية الزراعية وتخصيصها واستغلالها بشكل مخطّط له؛ ليصل القطاع الزراعي إلى الازدهار وصولاً إلى الرفاهية الاقتصادية، فكانت العتبة العباسيّة المقدّسة بمزارع خيرات الكفيل هي من رسمت نهج التطوير في الجانب الزراعي، بأساليب علمية بحتة، وابتعادها عن طريق الارتجال الزراعي فكان اللقاء الأول مع السيّد فائز الشهرستاني (مدير عام شركة الكفيل للاستثمارات). (التعشيق الزراعي) بداية مرحلة التنمية الزراعية في كربلاء المقدّسة والمتمثلة في مزارع خيرات الكفيل ما هي إلّا حدث مفصلي مهم في الاستثمار الزراعي، فكيف استطعتم وضع التوجيهات الرئيسة لهذه الاستراتيجية؟ بدأت هذه المرحلة عن طريق التشخيص، وهو عرض الواقع الحالي للزراعة وتشخيص التنمية الزراعية، وكيفية استغلال المناطق الصحراوية وضمّها إلى الرقعة الزراعية عن طريق الدراسات والبحوث التي تقدّم، فمعالجة الاختلال في النطاق الزراعي هي الخطوة الأولى التي انتهجها قسم الاستثمار، تليها خطوة التعشيق للتجارب العالمية في الزراعة، فعلى سبيل المثال لا الحصر البداية البكر لفكرة مزارع خيرات الكفيل كانت من ملاحظة الإنتاجات الزراعية المتدنية التي يحصل عليها المستهلك، وخصوصاً في النصف الثاني من القرن الماضي؛ نتيجة للتخبّط في اتّباع سياسة زراعية واضحة المعالم إلى جانب التأثيرات الخارجية وما سببته من تحديات، الأمر الذي جعل استمرار عملية التنمية ونجاحها مرهوناً بتجاوز هذه المعوقات والتحديات وخلق ظروف جديدة للإنتاج الزراعي، ومن خلاله أصبح للاستثمار أفقٌ جديدٌ يتيح توسيع الرقعة الاستثمارية أمام عناصر الإنتاج. إذن هناك عدة أهداف في سلة واحدة؟ نعم، أهداف متعددة، أولها إصلاح الأراضي الصحراوية عن طريق الزراعة النموذجية التي تُساهم في رفع مستوى الاستثمار الزراعي عن طريق الإشراف العلمي إلى جانب المردود المالي الذي تحقّقه الأيدي العاملة عن طريق عملها في النطاق الزراعي، والهدف الجوهري الذي نسعى إلى التركيز عليه هو تثقيف المزارع وتشجيعه في المحافظة على أرضه الزراعية وجعلها مسؤولية من مسؤولياته؛ ليجمع في سلة الاستثمار باباً آخر وهو الزراعة. (بين مطرقة الارتجال وسندان التقانة الحديثة) القطاع الخاص يتميّز بالكثير من المميزات التي تجعله مفضلاً لدى الكثيرين من الباحثين عن التفوق الحقيقي بخاصة في القطاع الزراعي، فكيف يمكن لهذا القطاع تحقيق التفوق في الاستقرار الزراعي؟ للخاص سمة مهمة وهي سمة التفاعل، وحرية الإقناع أكبر والجدوى أكثر؛ لأنّ عالمنا اليوم يتطلب مثل هذه السرعة ولا ينتظر وتيرة أداء القطاع العام، فمن خلال التجارب العالمية يتبيّن لنا أنّ الاستثمار المبني على الإنتاج في الكثير من القطاعات لا يتم الوصول إليه عن طريق زيادة المعدلات فحسب، بل بالعمل على الدخول في الأسواق المحلية وتوطيد الإنتاج بالتحديث في التقنية والإدارة والارتقاء بالإنتاجية في كافة القطاعات. هذا يوصلنا إلى إجابة من الدكتور علي البهادلي (المستشار الزراعي للأمين العام (دام عزه)) عن ما بيّنه محرّرو مجلة ساينتفيك أمريكان من أنّ عام (2050م) ستحتاج الزراعة إلى زيادة (50%) في الغذاء على ما يتمّ إنتاجه حالياً بسبب زيادة تعداد السكان، فهل استطعتم الوصول إلى قطوف السلة التي تُساهم في الأمن الغذائي، وهل التقنية الحديثة جزء حاسم في الزراعة الحديثة عوضاً عن الزراعة التقليدية؟ إنّ التنمية البيئية والاقتصادية المستدامة هي مسألة توازن بين استهلاك الجنس البشري وإنتاجه، فلابدّ من أن تعتمد الصناعة الزراعية على كلا طرفي التوازن؛ فقد بلغ استنزاف الجنس البشري لموارد الكرة الأرضية هائلاً، فهي تستهلك 70% من المياه العذبة التي يستحوذ عليها جنسنا البشري، وما يزيد على 40% من سطح اليابسة (تقريباً جميع الأراضي الصالحة للزراعة)، مع ما يرافق ذلك من خسارة في التنوع الحيوي. تعدّ الزراعة الحديثة التي تعتمد على الوسائل الحديثة في الإنتاج السبيل الوحيد لإنتاج الغذاء الكافي لسكان الأرض الذين يتوقع زيادة عددهم من (6.8) بليون إلى (9) بلايين نسمة في منتصف هذا القرن والطلب المتزايد والمتواصل على الغذاء يشكل تحدياً كبيراً ليس للزراعة المستدامة فحسب وإنما أيضاً للوجود البشري كلّه، فالتقنية أمر جوهري للمهتمين بالنطاق الزراعي وتطوير المزارعين مهنياً من أجل زراعة أكثر استدامة. العديد من الدول التي أخذت على عاتقها الزراعة العضوية اتخذت شعارات تتناسب مع ما يدلي به يوم البيئة العالمي؛ لتوصيل رسالة معينة، فما هو شعار العتبة للزراعة العضوية، وما هي فحوى الرسالة التي تريدون إيصالها إلى المستهلك؟ شعارنا لكي نرفع من مستوى أداء العمل للمستهلك لابدّ لنا من توفير الغذاء النظيف والبيئة النظيفة التي توفر للمستهلك السلامة من الأمراض، ودائماً تسعى العتبة إلى تحقيق سبيل التواصي بالحقّ لرفع مستوى الإنسان. (الصحة، البيئة، العدالة، العناية) هي مبادئ للزراعة العضوية، وتهدف إلى تنويع السلّة الغذائية الصحية، فلِمَ فُضلت على الزراعة الكيمياوية عن طريق عملكم في مختبر الجود؟ (ميثم علي البهادلي/ مدير مجمع الجود للمستلزمات الزراعية وتكنولوجيا الزراعة الحديثة) وفق ما اعتمده الاتحاد الفيدرالي الدولي لحركة الزراعة العضوية لابدّ من الاهتمام بهذه المبادئ فهي جزء مكمل لكلّ من التربة والبيئة والنبات والحيوان والكون الذي نبحث دائماً عن سلامته من أجل سلامة الإنسان وإيجاد فرص للحياة السليمة لنصل إلى الوقاية التي تمثل السلاح الذي نعده لحماية الأجيال الحالية والمستقبلية. (التعاون من أجل التكامل) من أجل هذا العنوان توجهنا بالسؤال إلى المهندس علي مزعل (رئيس قسم الشؤون الزراعية) في آلية التعاون من أجل الوصول إلى التكامل في القطاع الزراعي، وتنشيط التثقيف الزراعي لدى المزارع؟ كان وما يزال هدف القائمين على العمل في العتبة العباسية المقدّسة تغطية جميع الجوانب البيئية والحياتية للاستفادة منها من أجل حياة صحية متكاملة مستدامة، وهي التقنية الفطرية التي جبلنا عليها من أجل إيجاد التوازن الأيكلوجي لتلافي مشكلات البيئة والصحة المستدامة، فهي بمثابة منهج استباقي في مواجهة المشكلات، فلقد تعدّدت الأدوار التي تسعى إلى الاستدامة، ومنها الدور التثقيفي الزراعي للمزارعين عن طريق تنظيم الدورات الزراعية الدورية المنظمة التي تكون بأعداد محدودة للحصول على نتائج إيجابية من المزارعين إلى جانب التضمين للبساتين والأراضي الزراعية مع استمرارية المالك في العمل بها، وتزويده بالأسمدة العضوية والبذور والمعلومات التي تُساهم في إنجاح زراعته للمحاصيل الزراعية بطريقة علمية، ومن أجل زراعة عضوية صحية بحته لا تؤثر سلباً في الحياة البيئية، وليكون المقترح الخيّر الذي طرحه الأمين العام للعتبة العباسيّة المقدّسة (دام عزه) (وهو التعاون من أجل التكامل) وذلك عن طريق المساهمة في إنجاح مشاريع العتبة المقدّسة، فعلى سبيل المثال إنّ عتبة من العتبات المقدّسة ترعى زراعة التمور والاهتمام بالحصول على أجود أنواع التمور فتتعاون العتبة العباسية المقدّسة معها في إنجاح هذا المشروع عن طريق تغطية جانب التصنيع والتعليب، فبذلك نصل إلى مؤشر الحفاظ على الأمن الغذائي وتوفير منتجات صحية بمواصفات ذات جودة عالمية، فمن خلال هذا المشروع التنموي نستطيع التنويع في السلة الغذائية ورفع حسابات جدولة الاقتصاد الكربلائي من الناحية الزراعية. (2008م) هو موعد انطلاق أفكار تحدّت وكسرت قيوداً كبّلتها في تطوير العمل الزراعي منطلقة بحرية في قطاع الاستثمار؛ لتنبت مزارع خيرات الكفيل أنموذجاً حيّاً للزراعة المحلية القادرة على النجاح وتخطي الصعاب الغذائية عن طريق التخطيط الاقتصادي والاجتماعي الذي هو بمثابة تطبيق مباشر لمفهوم التفكير العلمي الممنهج من أجل حلّ المشكلات في المجتمع البشري البيئي؛ لأنه بمثابة اعتراف من المجتمع الحديث بأنه ميدان أساسي للنشاط البشري الذي أصبح يُوجّه بطريقة علمية منظمة، فكلّ نجاح يحرزه التخطيط في العالم المعاصر ما هو إلّا نجاح للنظرة العلمية في تدبير شؤون الإنسان.