عَزِيزَةُ الحُسَينِ (عليه السلام) السَّيِّدَةُ سَكِينَة (عليها السلام)

نرجس مهدي
عدد المشاهدات : 251

هي سليلة النبوة، ابنة الإمام الحسين (عليه السلام) سيّد شباب أهل الجنة، وحفيدة السيّدة الزهراء (عليها السلام)، أمّها السيّدة الرباب (رضي الله عنهما) ابنة امرئ القيس بن عدي بن أوس، الذي كان أميراً على الشام، وقد سمّيت آمنة باسم والدة النبيّ الأكرم (صلى الله عليه وآله) جدتها آمنة بنت وهب (رضي الله عنها)، ولقبها سكينة، وهو الاسم الذي اشتهرت به، وهو مشتق من الهدوء والأمن والرّضا، جمعت في دمها آثار النبوة من أبيها سيّد الشهداء (عليه السلام)، وجلال الملوكية من أمّها الرباب. وُلدت سنة (47 أو 48) هجرية بعد استشهاد جدّها أمير المؤمنين (عليه السلام) بسبع أو ثماني سنين، وقد كانت النفوس تسكن عندها وإليها لكمالها وابتسامتها الوضّاءة ولطفها وذكائها، وكانت طفلة مليحة تُؤنس أباها، فكانت قريبة من والدها وكثيرة التعلّق به، وقد تربّت هذه السيّدة الجليلة ونشأت في البيت النبويّ في أحضان أبيها سيّد الشهداء (عليه السلام)، فتشرّبت أخلاقيات ومبدئيات الرساليات الداعيات من بيت النبوة محتذيةً بقدوة النساء بعد السيّدة الزهراء (عليها السلام) السيّدة زينب (عليها السلام)، ولتكون في المستقبل إعلاماً ينطق بالحقّ وينقل المظلومية التي جرت على أهل بيت الرسالة بحذافيرها ووقائعها، نعم لقد كان تعلّق عزيزة الحسين (عليه السلام) بوالدها وتعلّقه بها أمراً غير مخفي، وكان ممّا انشده فيها (رضي الله عنها): لعمري إنني أحب دارا تحلّ بها سكينة والرباب أحبهما وأبذل جلّ مالي وليس للائمي فيها عتاب ولست لهم وإن عتبوا مطيعا حياتي أو يغيّبني التراب نعم لقد كان لهذا التعلّق أثرٌ كبيرٌ في تربية هذه الثمرة الطاهرة التي تربّت قرابة أربعة عشر عاماً قضتها (عليها السلام) تحت رعاية والدها السبط وإشرافه إلى أن حلّت مصيبة الطفّ، ولا يخفى ما لهذه التربية المباشرة من قبل المعصوم من أثر بالغ في بناء شخصيتها من النواحي كافة العلمية، والدينية، والأخلاقية، بل والخُلقية أيضاً، وفضلاً عن تأثير البيئة الأسرية المتضمنة لأكثر من معصوم وشخصيات أخرى كانت بحق واصلة إلى درجات العلا من العلم والمعرفة. يعلمنا حبّ المولى سيّد الشهداء لابنته السيّدة سكينة (عليها السلام) واهتمامه بتربيتها، أن تكون أنموذجاً للتربية الطيبة من قِبل الآباء لبناتهم، واهتمامهم بتعليمهنّ ومراعاة مشاعرهنّ وتقريبهنّ إلى المحبّة من قبل الوالدين؛ لأنّ تربية بنت واعية واحدة تُنشئ أمة من البشر الواعي، وقس على ذلك إذا كانت أكثر، وهذه هي السُّنّة الحسنة التي يسنّها الآباء في بناتهم ويحصد الأجر إلى يوم القيامة، نرجع لمولاتنا سكينة (عليها السلام) وهذا التعلّق بوالدها سيّد الشهداء (عليه السلام) فقد بات واضحاً في ظهيرة يوم عاشوراء عندما نادى السّبط هلمّوا للوداع، فلم يتحمل قلبها وداع والدها، فهي لا تُطيق الفراق، فأخذت بركن الخيمة تبكي على المصيبة التي حلّت بأهل بيتها وأخوتها وعمومتها، والآن كيف ستتحمل مصيبة فقد والدها، وعندما افتقدها سيّد الشهداء (عليه السلام) لكي يودّعها توجه إليها، وبلمسته الأبوية ضمّها إلى صدره الذي كان يتقطع حزناً لرؤية دموعها قائلاً: سيطول بعدي يا سكينة فاعلمي منك البكاء إذا الحمام دهاني لا تحرقي قلبي عليك حسرة مادامت الروح في الجثمان فإذا قتلت فأنت أولى بالذي تأتينه يا خيرة النسوان نعم لقد كانت النظرات الأخيرة التي نظرت بها إلى والدها، واللحظات الأخيرة من عمره الشريف تبرق في خاطرها ليل نهار إلى أن قضت نحبها (عليها السلام) ولوعة فراقه تذوّب قلبها النقي المستغرق مع الله تعالى، فكان يوم الخامس من ربيع الأول سنة 117هـ موعد اللقاء مع حبيبها والدها تحت أظلّة العرش، وانتهى الفراق بذلك. ................................ المصدر/ تذكرة الخواص: ص233.