لِنَعرفْ وظيفَتَنا في عَصرِ الغَيبَة

آلاء السلامي
عدد المشاهدات : 164

إنّ الوظيفة شيء، والرغبة شيء آخر، ويحسن الفصل جيّداً بينهما، صحيح أنّ الذين وفّقوا أو سيوفّقون أو هم موفّقون لنيل هذا الشرف العظيم بلقاء الإمام الحجّة (عجل الله تعالى فرجه الشريف) وزيارته في الغيبة الكبرى، هم ـ في الغالب وحسب القاعدة ـ ممّن يعرفون الواجب ويعملون به، وإلّا لما حصلوا على هذا الشرف، ولكن هذا ـ أي الطموح للقائه (عجل الله تعالى فرجه الشريف) ـ ليس هو الواجب، بل من الأفضل أن نجمع بينهما، وإلاّ فإنّ الواجب مقدّم على الرغبة، ويُقصد بالواجب هو معرفة الواجبات الشرعية والعمل بها وتشخيص المحرّمات والاجتناب عنها تجاه النفس والآخرين، وتعليم الجاهلين كلّ حسب قدرته ومعرفته، والسعي لكسب المزيد من المعرفة على هذا الطريق. إنّ المسؤولية هي تعلّم الإسلام والعمل به وتعليمه، وتقع على عاتق كلّ فرد، سواء كان رجلاً أم امرأة، زوجاً أم زوجة، أولاداً أم آباءً وأمّهات، أساتذة أم تلاميذ، وباعة أم مشترين، ومؤجّرين أم مستأجرين، وجيراناً أم أرحاماً، وفي كلّ الظروف والأحوال. على كلّ فرد منّا أن ينظر ما هي وظيفته تجاه نفسه وتجاه الآخرين؛ وما هي الواجبات المترتّبة عليه، وما هي المحرّمات التي يجب عليه الانتهاء عنها. إنّ الواجب هو أن يعرف الإنسان أحكامه ـ ولا أقلّ من الواجبات والمحرّمات ـ ثم يلتزم بها، وعلى رأس الواجبات معرفة المولى صاحب العصر والزمان (أرواحنا فداه وعجّل الله تعالى فرجه الشريف). وهذا واجب الجميع، فإنّه (مَن مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية)(1). ولكي لا يموت أحدنا بحكم الكافر، عليه أن يعرف ما هي واجباته، وما هي المحرّمات عليه فيما يخصّ العقائد والعمل لنفسه وللآخرين. يقول الفقهاء: إنّ على كلّ شخص أن يسعى للحصول على ملَكة العدالة في نفسه، وهذا من المسلّمات، وهو ـ على حدّ التعبير العلمي ـ مقدّمة وجود الواجب المطلق. إذن على كلّ واحد منّا أن يحصل على ملَكة تحصّنه من ارتكاب المحرّمات أو التخلّف عن الواجبات، ثمّ عليه تعليم الآخرين بحسب مقدرته ومعرفته. فإنّ نسبة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إلى العلم هي نسبة الواجب المطلق، وليس المشروط، ولكنّه واجب كفائي، فإذا لم يكن مَن فيه الكفاية صار واجباً عينياً أيضاً. فهذا هو الواجب، وهذا ما يسرّ الإمام الحجّة (عجل الله تعالى فرجه الشريف)، ويجعله يرضى عنّا. فإنّ مَن أدّى واجبه بصورة صحيحة كان مرضيّاً عند الإمام (سلام الله عليه)، أمّا مَن لم يؤدِّ واجبه، فليس بمرضيّ عنده. .............................. (1) بحار الأنوار: ج23، ص35. من كتاب لنعرف إمامنا ووظيفتنا بصورة أفضل