الإِمَامُ الحَسَنُ العَسكَرِيُّ (عليه السلام) فِي سُطُور

سهاد عبد الجبار الخزرجي
عدد المشاهدات : 127

طربت روحي في قلاع عزّك شدواً، فراحت ترتّل فيك نشيدها عشقاً.. من هبات الله أن أفاض علينا بالنّعم المباركة، ومن أعظم النّعم وأقدسها هي ال البيت (عليهم السلام)، ونعمة الانتماء والولاء الفطريّ باتّباعهم، فلا شك أنّ طينتنا عُجنت من فاضل طينتهم، وأصبحنا مشبعين بالحبّ والولاء، والتفاني في الإخلاص لهم.. وإذ نعيش أيام الحزن والألم لمصاب مولانا الإمام الزكي الحسن العسكريّ (عليه السلام)، فلنشدّ رحالنا ونطُف حول ملكوت العشق المحمديّ، وفرع من فروع الرسالة الخالدة. النشأة المباركة للإمام الحسن بن علي العسكري (عليه السلام): تربّى في حجر والده، زُقّ إليه العلم زقاً، كان كمَن سبقه من المعصومين (عليهم السلام)، فالمجد فيهم اتصف، والرحمة فيهم غُرست، والشرف حطّ فيهم محطّ الروح من البرزخ، وهو صاحب الإمامة بعد أبيه علي الهادي (عليه السلام)، كان على جانب عظيم من علو المقدار، والكمال، والعلم والأدب. من الظواهر المتميّزة في طفولته: في رواية أنّه مرّ به شخص فوجده يبكي بكاءً شديداً وهو واقف مع أترابه من الصبيان، فظن ذلك الشخص أنّ هذا الصغير يبكي متحسراً على ما في أيدي أترابه؛ ولذا فهو لا يشاركهم لعبهم، فقال له: أشتري لك ما تلعب به؟ فردّ عليه (عليه السلام): "لا، ما للعب خُلقنا!..". وبهر الرجل فقال له: (لماذا خُلقنا؟..). أجاب (عليه السلام): "للعِلم والعبادة". سأل الرجل: (مِن أين لكَ هذا؟). أجاب (عليه السلام): من قوله تعالى (أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا..) .(1) وبُهِت الرجل ووقف حائراً، وانطلق يقول له: (ما نزل بكَ، وأنت صغير لا ذنب لكَ؟!). قال (عليه السلام): "إليك عنّي، إنّي رأيتُ والدتي توقد النار بالحطب الكبار، فلا تتقد إلّا بالصّغار، وإنّي أخشى أن أكون من صغار حطب جهنّم..".(2) عاش الإمام (عليه السلام) مراحل مريرة في الحياة مع السنوات التي مرّت على الرغم من قصر عمره الشريف، فضيّقوا عليه واجتهد في إيذائه المهتديّ والمعتز والمعتمد، وكان الأخير أكثر أذية للإمام، وأكثرهم فسوقاً وفجوراً ولكثرة الاعتداء على موالين أهل البيت (عليهم السلام) تحرّك الإمام وخُلّص صحابته لتغيير الحكم عن طريق حثّ الناس وإرشادهم من خلال مجالس والوعظ والإرشاد، فزرع المعتمد عيون التجسّس والرصد كي يتمكنوا من الإجهاز على الإمام (عليه السلام)؛ وأرسل في طلبه (عليه السلام) ودسّ له السّم في طعامه، حتى لاقى ربّه شهيداً صابراً محتسباً. ................................ (1) (المؤمنون: 115). (2) حياة الإمام الحسن العسكري (عليه السلام) دراسة وتحليل: ص22-23.