رياض الزهراء العدد 103 لحياة أفضل
سَعَادَتُهُم _ فاطمة المعصومة (عليها السلام) حجة على كلّ فتاة
كان قلبه يضخّ النسيم للكون، وكانت رئتاها كحمامة ترفرف لاستقباله، كان اسمه شمساً يمنح الضياء للحياة، وكانت روحها تتبخّر بأشعّته لتحظى بلقائه، وفعلاً قد حقّق الله تعالى لها أمنيتها وحصل لها هذا اللقاء، لكن ليس في هذه الدنيا الدنيّة بل في عالم الآخرة، إذ إنها بِسَفَرِها للقاء أخيها المعصوم قد لفظت أنفاسها؛ لتعانق أنفاسهُ الطاهرة هناك، هذا هو ملخّص حكاية كريمة أهل البيت (عليهم السلام) الشابّة فاطمة المعصومة بنت الإمام موسى بن جعفر (عليها السلام) ورحلة ولائها لإمامها وأخيها الإمام عليّ الرضا (عليه السلام) التي بلغت من خلاله الكمال النفسي إلى حدٍّ لقّبت فيه بالمعصومة، لتكون بذلك حجّةً على كلّ شابةٍ، بأن يوصلها ولاؤها لأهل البيت (عليهم السلام) إلى ترك الخطأ والوصول إلى الكمال النفسي، وأن لا يكون ولاؤها لأهل البيت (عليهم السلام) كلاماً فقط، كما هو الحال عند بعض فتياتنا أو أغلبهنّ، وسنذكر ذلك بعدّة صور: الصورة الأولى هنالك من فتياتنا مَن تدّعي أنها زينبية وتلميذة للسّيّدة الزهراء (عليها السلام) إلّا أنها لم تقتدِ بهاتين القدوتين، إمّا بعدم ارتدائها الحجاب الظاهري بشكلٍ صحيح أو بعدم تمسّكها بلباس التقوى الذي قال الله تعالى عنهُ: (..وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ..)/ (الأعراف:26)، فهنالك فتيات نراهنّ ملتزمات بالحجاب الظاهري إلّا أنّهنّ قليلات أو عديمات الحياء والتقوى فلا يتعففنَ من رمي الرجال بأبصارهنّ، ولا يتورعنَ عن مشاهدة المسلسلات المدبلجة وأشباهها، ولا يتقينَ الله(عزّ وجل) من إقامة علاقة عاطفيّة غير شرعيّة مع رجل أجنبي، كما أنّ هنالك فتيات بعكس ذلك، فلا يلتزمنَ بالحجاب الشرعي ويقلنَ إنَّ الإيمان في القلب، ومن ثمّ هذا المسار أو ذاك ليس صائباً من قبل تلك الفتيات، ولا يستحقّن لقب الفاطميّات أو الزينبيّات، حيث قال الإمام الصادق (عليه السلام): "معاشر الشيعة، كونوا لنا زيناً ولا تكونوا علينا شيناً".(1) .......................... (1) ميزان الحكمة: ج2، ص1544. الصورة الثانية هنالك فتيات يتوقعنَ أنهنّ على المسار الصحيح، وأنهنَّ على مسار السّيّدة الزهراء (عليها السلام)، وعلى مسار السّيّدة زينب (عليها السلام) إلّا أنهنّ لم يقتدينَ بهاتين القدوّتين حتى مع آبائهنّ وأمهاتهنّ، فلا يساعدنَ أمهاتهنّ في عمل البيت، فأمهاتهنّ هنّ اللاتي يعملنَ ويقدّمنَ لهنّ، وكذلك لا يتشرفنَ بخدمة آبائهنّ، منشغلات بمتابعة المسلسلات والانترنت. ولنتخذ من السّيّدة الزهراء (عليها السلام) قدوة، فهي مذ كانت جنيناً في بطن أمها بارّة بها، إذ تتحدّث معها وتسليها عن همومها، وحين وُلدت وكبرت كنّاها أبوها النبيّ(صلى الله عليه وآله) بـ (أم أبيها) لبرّها وحنانها، كما أن السّيّدة زينب (عليها السلام) من مواقف برّها أنها لم تنسَ وصيّة أمها تسعاً وأربعين سنة، وبقيت في بالها إلى أن جاء يوم كربلاء ونفّذتها، فشمّت الحسين (عليه السلام) في صدره، وقبلتهُ في نحره كما أوصتها أمها السّيّدة الزهراء (عليها السلام)، إذن ما أجمل مجتمعنا لو يكون فاطمياً بالحنان، وزينبياً بالاحتشام، ليكون النتاج كفاطمة المعصومة.