رياض الزهراء العدد 103 لحياة أفضل
الإِعلَامُ المُضَلِّلُ والشَّبَاب _ دور الإعلام في المشروع الحسينيّ وأساليب التضليل الإعلامي
الحمد لله الذي شرّع الشعائر وأمر بتعظيمها حيث قال (عزّ وجل): (ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ)/ (الحج:32) وحرّم إحلالها بالامتهان لها حيث قال (عزّ وجل): (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ..)/ (المائدة:2) وإنّ الشعيرة لها صلة وثيقة بهويّة المجتمع، فهي تعكس تراث الملّة، وهي شعار ورمز وصورة ومحتوى، هي بوتقة لتربية المجتمع المسلم على المعارف الإلهيّة والأحكام والآداب الشرعيّة، وهي إشعاع لنشر معالم الدين والدعوة له، وإنّ إقامتها إقامة لصرح الدين الحنيف الذي ترتبط حياته بحياتها، ومن هنا نرى نصب العداء لأهل البيت (عليهم السلام) كي لا يكبر مشروع حبّهم، ويكثر المنتمون إليهم فالحقائق مقلوبة. الإعلام هو جملة من العمليات التي تؤثّر في حركة المجتمع، وتؤدّي إلى صياغة رأي عام ذي اتجاه مرسوم ومحدّد سلفاً، فهو يعمل على تغيير الثوابت لدى الرأي العام، ورسم اتجاهات جديدة تخدم سياسات مبرمجي وسائل الإعلام، وهيكلة العقول وبناء أنماط تفكير معيّنة لدى الجماهير المستهدفة، ومن ثم سوقهم نحو سلوك مخالف لما يريدون القيام به أصلاً، ومن هنا تأتي أهميّة الإعلام لكونه وسيلة مباشرة للتأثير في العقول، وتحديد السلوكيّات، وردود الأفعال بغض النظر عن كونها إيجابيّة أو سلبيّة؛ لأنّ التضليل يعمل على قلب الحقائق وتزييفها، ويحاول أن يسيطر على العقول؛ لذلك فهو ليس عمليّة سهلة، ومن هنا نرى أنّ الممارسين للتضليل الإعلاميّ يبحثون عن أفضل الأساليب التي توصلهم إلى أهدافهم، ويحاولون اختيار الأسلوب الأنجح مع كلّ مجتمع وكلّ زمان، ونحاول هنا أن نتطرّق إلى بعض الأساليب المستخدمة في التضليل الإعلاميّ، فمثلاً ترويج الشائعات، فالشائعة هي خبر أو قصّة أو حدث يتناقله الناس بدون تمحيص أو تحقّق من صحته, ولأنّ الناس عادةً يحبون نشر الأخبار وتناقلها؛ لذلك يكون ترويج الشائعات أمراً يسيراً، وهو أسلوب شائع بخاصّة في أثناء الحروب، فنحن نرى أنّ أعداء الإمام الحسين (عليه السلام) نشروا مجموعة من الشائعات منها: الترويج بقدوم جيش الشام الجرّار إلى الكوفة في المدّة التي كان مسلم بن عقيل (عليه السلام) فيها، وكان الناس قد التفّوا حوله، وقد أثمرت هذه الشائعة -مع جملة من الأساليب الأخرى- في إبعاد الناس عن مسلم، ومن ثم عزله وقتله، وفي زماننا الحاضر تمّ نشر جملة من الشائعات التي تتعلّق بالشيعة، وبإحيائهم لذكرى عاشوراء في محاولة للانتقاص منهم ومن هذه الذكرى. أمّا الكذب والتحريف فنحن نعلم أنّ الكذب هو مخالفة القول للواقع، والتحريف هو التغيير والتبديل، فتارة يعمد المضلّل إلى اختلاق واقعة لا وجود لها، وهذا نوع من أنواع الكذب، وتارة يلجأ إلى واقعة موجودة فيقوم بالتغيير والتبديل فيها، وهذا نوع من أنواع التحريف، ويُعد التحريف أكثر خطورة من الكذب، ومن الأمثلة على ذلك: تحريف جملة من الأحاديث النبويّة التي تمتدح أهل البيت (عليهم السلام)، وإسناد فضائلهم إلى غيرهم، إضافة إلى اختلاق أحاديث لا أساس لها من الصحة، من قبيل الأحاديث التي وُضعت على لسان النبيّ(صلى الله عليه وآله)، والتي توجب طاعة ولي الأمر سواء كان براً أم فاجراً، وتبرئة يزيد من دمّ الإمام الحسين (عليه السلام), يقول ابن تيميّة: (إنّ يزيد بن معاوية لم يأمر بقتل الحسين باتفاق أهل النقل، ولكن كتب إلى ابن زياد أن يمنعه عن ولاية العراق). إنّ الذين جاؤوا إلى كربلاء لمحاربة الإمام الحسين (عليه السلام)، ينطبق عليهم أحد الأساليب الثلاثة، فهنالك مَن جاء خوفاً من يزيد (لعنه الله) وبطشه، وهنالك مَن جاء طمعاً في مال أو منصب، وهنالك قسم ثالث وهم المضلَّلون.