رياض الزهراء العدد 103 الملف التعليمي
نِظَامُ الكُورسَات بَينَ الرَّفضِ والقَبُول
تشهد العمليّة التعليميّة في العراق خطّة جديدة لم يُسبق أن طبّقت في النظام التعليميّ الابتدائيّ والثانويّ من قبل ألا وهي إلغاء امتحانات نصف السنة، وتعلّل وزارة التربية والتعليم هذا الإلغاء لامتحانات نصف السنة بمعالجة تأخر بَدء العام الدراسي، ولتزايد عدد الطلبة النازحين من مناطقهم بفعل الأعمال الإجراميّة والإرهابيّة التي يقوم بها الغزو الداعشي، وأثار هذا القرار الكثير من التساؤلات لدى الفئة التعليميّة وشريحة الطلاب بين مؤيّد ومعارض له, ودقّ ناقوس القلق لدى بعض الأساتذة التربويين؛ لأنهم يعدّون امتحانات نصف السنة بمثابة (ترمومتر) أيّ مقياس لتقييم مستوى فهم الطالب للمواضيع الدراسيّة وذكائه ومدى جاهزيته لأداء الامتحانات النهائيّة، واستحقاقه لعبور المرحلة الدراسيّة. ولأهميّة هذا الموضوع الذي يمسّ العمليّة التعليميّة قامت مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام) باللقاء مع بعض الشخصيّات التربويّة والطلاب لمعرفة رأيهم عن هذا الموضوع، ومن ضمن الشخصيات التي التقينا بها الست منتهى عباس يوسف/ اختصاصية إداريّة في مديريّة تربية كربلاء، والّتي تفضّلت مشكورة بالتحدّث معنا عن هذا الموضوع قائلة: إنّ تطبيق نظام الكورسات في العمليّة التعليميّة للمرحلة الثانويّة هي خطوة جديدة تحتاج إلى تثقيف وتوعية للطلاب من قبل المدرسين التعليميين؛ لأن كلّ خطّة جديدة تحتاج إلى مدّة زمنيّة كي يستطيع الطالب التأقلم معها وإدراك مدى نسبة نجاحها وفشلها، وحرصاً من وزارة التربية والتعليم على معرفة الحقيقة عمدت إلى تشكيل لجان في كلّ محافظة لدراسة إيجابيات هذا النظام وسلبياته، وأنا عضوة في هذه اللجنة وأعتقد أنّ من ضمن سلبياته: أنه تجربة جديدة وصعب على الطلاب فهمه وبخاصة طلاب المرحلة المتوسطة؛ لعدم استيعابهم أن رسوبهم في الامتحانات الشهريّة يعني رسوبهم في الكورس الأول، وعليهم إعادة الامتحان في نهاية السنة، وهم في مرحلة عمريّة حرجة باعتبارهم مراهقين، وعنادهم شيء طبيعي، وهذا يؤدي إلى زيادة نسبة الرسوب بينهم. أمّا إيجابيات هذا النظام فهي: إنّ نظام الكورسات هو امتداد لنظام الكليات. إن الوزارة عمدت إلى تقسيم المنهج التعليمي وتدريسه على طول السنة الدراسيّة، ممّا سهل على الطالب دراسته بتركيز؛ لأنّ المادّة قليلة، وهذا يؤدّي إلى رسوخ المعلومة في ذهن الطالب، وجعله حريصاً على كلّ معلومة؛ لأنها طريقه إلى النجاح والفشل، إذ كلّ معلومة عليها درجة تحدّد نجاحه أو فشله. إنّ الدروس التي يرسب فيها الطالب في الكورس الأول غير محدودة العدد في الكورسات لقرار هذا العام لحد تاريخ هذا اليوم، وهذه تمثل نقطة إيجابيّة للطلبة، وهي تمثّل عبئاً كبيراً على المدرس بوضع أسئلة لجميع الدروس بالنسبة إلى الكورس الأول، وعلى الطالب دراسة جميع الدروس التي رسب فيها سواء في الكورس الأول أم الثاني. كما التقينا بعدد من المدرّسات التربويّات الفاضلات، منهنّ الأخت رسل جواد/ مدرّسة مادّة الرياضيات والّتي تحدّثت مشكورة: إنّ نظام الكورسات نظام مطبّق في الكليّات، وهو مفيد لطلاب الجامعات؛ لأنهم في مرحلة عمريّة تمكّنهم من معرفة واجباتهم، وهم قادرون على فهم هذا النظام، أمّا استخدام هذا النظام لطلبة المرحلة المتوسطة فبرأيي أنه يسبب لهم الكثير من الإرباك؛ لأنهم ببساطة لا يعيرون أهميّة للامتحانات الشهريّة، ولا يستطيعون إدراك أنّ فشلهم في هذه الأشهر يؤدّي بهم إلى الامتحان في الدور الثاني باعتبارهم فشلوا في الكورس الأول وهي درجة تضاف إلى الدرجة النهائيّة مع العلم أنّ مادّة الرياضيات مادّة تحتاج إلى الكثير من التمرينات والتدريبات، وامتحان نصف السنة كان يُلزم الطالب بإعادة دراسة المنهج للفصول الستّة الأولى لكي تترسّخ في ذاكرتهم خصوصاً أنّ المواد التي تُعطى لطالب الصف الثاني متوسط لها علاقة بالمناهج الأخرى التي سوف تُعطى له في السنوات القادمة في المرحلة الثانوية؛ لأنها أساسيّات الرياضيات، هذا إضافة إلى أنها تسبّب جهداً أضافياً على المدرّس، إذ عليه أن يضع نموذجين للأسئلة، أسئلة دور ثاني كورس أول، وأسئلة دور ثاني كورس ثاني. (نظام الكورسات يسبّب إرباكاً للمدرّس في تقسيم الدرجات!) أمّا المدرّسة التربويّة (ص-ع) مدرّسة لغة عربيّة فقالت: إنّ نظام الكورسات يسبّب إرباكاً للمدرّس في تقسيم الدرجات وبخاصّة في مادة اللغة العربيّة، والتي تشمل عدة مواضيع منها القواعد، والإملاء، والمطالعة، والإنشاء الذي أصبح له درجتان، وهذا يسبب إحباطاً للطلبة الذين كانوا يعتمدون كثيراً على تعبيرهم في الإنشاء للنجاح في اللغة العربيّة. (نحن أقرب إلى الحقيقة) وصرّحت الست أمل علي/ مدرّسة لغة انكليزيّة برأيها في هذا الموضوع قائلةً: أنّ الوسائل التعليميّة والطرائق الجديدة خاضعة للاختبار في إثبات نجاحها أو فشلها؛ لأنها بطبيعة الحال تحتاج إلى مدّة من الزمن حتى تثبت صلاحيتها على الواقع التعليميّ, ومن واقع عملنا وعلاقتنا المباشرة مع الطلاب فنحن أقرب إلى الحقيقة، ونعتقد أنّ هذا النظام يسبّب الكثير من الإرباك للمدرّس والطالب على حدٍّ سواء. (نظام الكورسات فرصة ذهبيّة!) أمّا الطالبة فاتن صفاء وهي طالبة إعدادية في المرحلة الخامسة فعبّرت عن رأيّها قائلة: إنّ نظام الكورسات يمثل فرصة ذهبيّة للطلاب الذين يعدّون اللغة الانكليزيّة عائقاً كبيراً في طريق نجاحهم؛ لأنهم لا يضطرون إلى حفظ جميع المنهج في الامتحانات النهائيّة، وهو مفيد لطلاب الإعداديّة الفرع الأدبي نوعاً ما؛ لأن مواد الأدبي غير مرتبطة في المنهج مع مواد المراحل الأخرى في السنوات القادمة أمّا طلاب الفرع العلمي فهم يعانون من هذا النظام، لأن مواده مترابطة مع مواد المراحل الأخرى في السنوات القادمة. نجاح العمليّة التعليميّة في أيّ بلد يؤدّي إلى ازدهاره وتقدّمه؛ لأنّ التعليم الجيّد يفرز للمجتمع طبقات علميّة متنوّعة ومميّزة تفتخر بها البلدان وثروة بشريّة علميّة رائدة تعمل على صيانة الوطن من الجهل والظلام، وتصل به إلى قمّة التحضّر والانطلاق لقيادة الحركة العلميّة في العالم, ومن المناسب الابتعاد عن الخطط العشوائيّة لإرباك العمليّة التعليميّة، ووضع خطّة منهجيّة وفق استراتيجيّة علميّة طويلة الأمد تتلاءم مع التطوّر التكنولوجي الذي يشهده العالم، وهذا ما يتمناه الشارع العراقي وطلاب العلم وهم يواجهون ظروفاً صعبة في بلد يفتقر في أغلب الأحيان إلى الأمن والأمان، وإبقاء شعلة العلم مضيئة وهّاجة تتحدّى لكلّ الصعاب مسؤوليّة المجتمع كلّه؛ لأنه السبيل الوحيد للتصدي لها.