رياض الزهراء العدد 104 لحياة أفضل
سَعَادَتُهُم _ أمهات بعيدات عن القدوة
نسمة بوزن السموات حطت على رئتي الأرض، وحياة من صلب كون إلى رحم روض، فأصبحت هي الزهرة المحفوفة بالبهاء، بل الشجرة المتصلة بالسماء، بل الجنّة الخَضِرة بخير العطاء، تلك هي الأم الحنونة التي لم تكن فقط أماً لأولادها، بل أصبحت بشموخها وحنانها حتى (أم أبيها)، فأين الأمهات من هذه المرأة التي هي فاطمة الزهراء (عليها السلام)، بنت نبينا محمد (صلى الله عليه وآله)، حيث إننا نجد في زمننا هذا تردياً كبيراً في أداء الأمهات لأدوارهنَّ، وسنشرح ذلك بعدة صور: الصورة الأولى إنّ بعض الأمهات غير مهتماتٍ بأطفالهنَّ، ولا بنظافتهِم ولا بمأكلهم، ولا بأيِّ أمر من أمورهم، إمّا لأنهنَّ منشغلات بوظيفة، فيقضين فيها معظم نهارهنَّ، وحينما يرجعنَ لا يعوّضنَ ذلك الفراغ بالاهتمام بهم، أو لأنَّهنَّ منشغلات بعمل البيت، فلا يضعنَ في جدولهنّ متطلباتِ أطفالهنَّ، وطبعاً هذا الإهمال للأطفال لا يؤثر في نفسيتهم فقط بل يؤثر حتى في نموهم الجسدي؛ لأنَّ النظافة والتغذية أمر أساسيّ في نمو الطفل.الصورة الثانيةهنالك أمهات يضررنَ أولادهنَّ بزيادة عطفهنَّ؛ ذلك لأنَّ تربية الأطفال يجب أن تكون بين اللين والشدة (لا إفراط ولا تفريط)، وهذا الذي لا تتبعهُ الأمهات في التربية لأولادهنّ، إذ إنّ كثيراً من المواقف مع الأولاد تحتاج إلى بعض الشدة إلّا أنهنَّ بدل من الشدة يستعملنَ اللين، بل لا يرضين من آبائهم بأن يستعملوا الشدة معهم حتى إذا كانت في موضعها، ما يَجعل المشاكل بينهم قائمة وتؤثر سلباً في نفسية الأولاد، وفي بعض البيوت يكون هذا الأمر بالعكس، فالأم تستعملُ الشدة بوقتٍ يُفترض فيه أنْ تستعمل العطف، والأب يستعملُ العطف بوقت يُفترض فيه أن يستعمل الشدة، وأيضاً يختلفان على ذلك، فأكثر الآباء إذا ضربت الأم ولدها يضربونها أمام ذلك الولد ردّاً على ضربتها إياه؛ فيزلزلون احترام الأم بعين ولدها. الصورة الثالثة هنالك بعض الأمهات يتوقّعن أنّ سعادة أولادهنَّ تكون بالأمور المادية فقط، لذلك نجدهنّ يهتممنّ بسد الفراغ المادي فقط، بل ويسرفن فيه إلى حدّ التبذير، وليس هذا فقط، بل غالباً ما يتكلمنَ معهم أو أمامهم بالأمور المادية، فيركّزنَ على الملبس والمأكل وعلى البيت ذي البناء الراقي، وعلى غير ذلك من الأمور المادية، ما يجعل الطفل ينشأ على حبّ المادة، ولو أنّ تركيزهنَّ أضحى على الأمور المعنوية والروحية؛ لأسعدنَ أولادهنَّ في الدنيا بسعادة لذة الإيمان، وفي الآخرة بسعادة النجاة من النار. هذه ثلاث صور للتقصير في تربية الأمهات والآباء اتجاه أولادهم من ضمن صورٍ كثيرة، عسى أن يلتفتوا إليها ويصلحوها فعلاً، وأن لا يكونوا مشمولين بقوله تعالى:(وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ * أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لَا يَشْعُرُونَ)/ (البقرة:11، 12).