رياض الزهراء العدد 104 لحياة أفضل
الإِعلَامُ المُضَلِّلُ والشَّبَاب_التلوث البيئي
يُعدّ التلوث البيئي مشكلة من أهم مشكلات العصر، فخطره يهدد الحياة على وجه الأرض، وإن مكافحته تتطلب تعاوناً كاملاً بين كافة الدول، تعاوناً بالفكر والإعلام النافع والجاد، والبحث والتخطيط والتوعية والتنفيذ، تعاوناً تنسّقه كافة الدول بإيقاع متناسب تديره المنظمات الدولية وتلتزم به الدول كافة، فالحل هو عمل جماعي لا يؤتي ثماره كاملة إذا قامت به دولة وتجاهلته أخرى أو قام به فرد وأهمله آخر، والتكاتف ضروري، والالتزام به واجب، والإعلام عليه العبء الأكبر للالتفات إلى هذه القضية. الحروب ومخلفاتها والملوثات الصناعية والكيميائية ومحروقات الغاز الطبيعي والنفط أثرت في بيئة العراق تأثيراً سلبياً، ومَن يتحكم بهذا الوباء البيئي هو الإعلام المضلّل الذي يضلّل الحقائق ويتلاعب بها كيفما اتفقت مصلحته، ومن هذه الحقائق التي ضلّلها الإعلام المضلّل التلاعب في درجة الحرارة والغبار وعواصفه الترابية أو الرملية والرياح والتصحّر والجفاف والتبخّر والملوحة، وغيرها من العناصر الجوية والظواهر المناخية المتطرفة التي تحقّق تلوثاً بيئياً طبيعياً واضحاً في العراق، وهناك عواصف حدثت كان لها الأثر في موت العديد من الناس، ولكن الإعلام تجاهل نشر مثل تلك الحقائق على صفحاته، ولم تنتبه أيّ منظمة لمعالجة ذلك وتهيئة مكان للمعالجة، وبذلك بات على الجميع أن يعلم ضرورة حماية البيئة والحفاظ عليها، فالطالب مثلاً ينشر الوعي البيئي بين الطلبة، ويعمل على إكسابهم عادات وسلوكاً يساعد على حماية البيئة وتحسينها، فللبيئة التعليمية أهمية كبيرة؛ كونها المناخ الخصب الذي تتولد فيه، والإعلام الحقيقي هو الذي يجند وسائله لنشر الوعي والحيطة والحذر من الآفات المؤذية بعكس الإعلام المضلّل الذي يحاول في هذا المجال زعزعة البيئة الصديقة للطفل والطالب معاً، وذلك من خلال بثّ السموم والأفكار، وإعطاء هالات وإشاعات بحيث تدمّر فكر الطفل والطالب، وعلينا أن لا نغفل عن الآثار المترتبة على الطفل العراقي، حيث يسبّب تغير المناخ وتلوث الهواء في الجو أمراضاً مختلفة أهمها الأمراض البكتيرية والفيروسية التي تنتشر في درجات الحرارة بشكل أوسع، فقد حدثت حالات تلوث لم تكن موجودة سابقاً، فقد أثبتت عدد من الدراسات التي قام بها خبراء مختصون أنّ غالبية الإصابات بسرطان الجلد والتي شُخّصت بعد حرب الخليج كانت بسبب تلوث الهواء خلال القصف الأمريكي وبعده.. وتقول وزارة الصحة العراقية إنّ حالات الإصابة بالسرطان قد زادت من 6555 حالة في عام 1989م إلى 10931 حالة في عام 1997م وبخاصة في المناطق التي قصفتها قوة التحالف بقيادة الولايات المتحدة الأميركية خلال الحرب وعلى نحو خاص عند استخدامها المفرط لقنابل اليورانيوم المنضّب، وهناك الكثير من الأمثلة الأخرى التي لا يسع المقام لذكرها. إنّ تدهور الجانب الصحيّ والاجتماعيّ والاقتصاديّ والتربويّ للمجتمع العراقي الذي عانى منه لعقود من الزمن هو بسبب السياسات الخاطئة المتراكمة والتي أدت بدورها إلى تحطيم المجتمع العراقي بصورة عامة وانهيار مستقبل الطفل العراقي بصورة خاصة، وكذلك للظروف الراهنة التي يمرّ بها العراق وتدهور الوضع الأمني وغياب الوعي الحضاري للسكان وعدم وجود القوانين الصارمة للحدّ من ظاهرة التلوث البيئي الأمر الذي أدى إلى شيوع هذه الظاهرة وانتشارها وللإعلام المضلّل وطرقه المخيفة دور في ذلك عن طريق بثّ السموم وشحن الأجواء، فقد أهملت الوسائل الإعلامية مشكلة التلوث البيئي، ولم تركز على عدم اهتمام الجهات المسؤولة الرسمية والإعلامية بطرح مشاكل التلوث البيئي ونتائجه داخل إطار المعرفة الإعلامية الصحيحة في المؤسسات الدولية الخاصة والمؤسسات الإعلامية العربية والعالمية. فعلى الصحافة والإعلام نشر الوعي الجماهيريّ لمشكلة التلوث البيئي في المدارس والمؤسسات والمنظمات، وعقد مؤتمرات لتوعية الجماهير بمخاطر هذه الظاهرة والحدّ منها، وتفعيل دور الرقابة الصحية والدوائية، فعلى الحكومة الاهتمام بجميع الجوانب المتعلقة أو المسببة لهذا التلوث عن طريق وضع قوانين صارمة وبالتعاون مع دول العالم؛ لمنع ظاهرة التلوث وبخاصة التلوث بالإشعاعات الخطرة على حياة الإنسان.