حَوَّاء بَاري: تُرَاثُ أَهلِ البَيتِ (عليهم السلام) كُنُوزٌ هَائِلَةٌ مِن التَّفكِيرِ وَالتَّفَكُّرِ مِن أَجلِ أُسْرَةٍ مُسْلِمَةٍ مُستَق

نادية حمادة الشمري
عدد المشاهدات : 238

من الضروري أن يكون الدين الإسلامي بعترته الطاهرة (عليهم السلام) في عيون الجميع، ولا يكون المسلمون لقمة سائغة يتسابق الجميع على أكلها، نحن مع تعدّد الأديان والاستفادة المادية المشروعة، ومع حقّ الأجيال الإسلامية القادمة في حياة كريمة سعيدة، لكن لا أخفي عليكم حزني ممّا يحدث اليوم في غينيا، فالأمور أصبحت تتفاقم بصورة سريعة جداً، وكذلك نجد مَن يعيش ليستكمل الواجهة الشكلية من دون أن يحمل هموم دينه. هكذا تحدثت معي ضيفتي (حواء باري) الناشطة الدينية والمديرة التنفيذية لجمعية الكوثر الإسلامية، والعضوة في جمعية النساء المسلمات المساعدة في نشر الإسلام في غينيا. ضيفتنا مَن تكون؟ حواء آدم باري/ ناشطة دينية واجتماعية في مجال حقوق المرأة الغينية المسلمة، وعضوة منسقة للمسلمات في بلدة راتوما (كواكري)، وعضوة في شبكة الفتيات لترقية حقوق المرأة والتنمية الدائمة. (..وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى..)(1) ماذا تمنّت حواء آدم أن تكون في بداية مشوار حياتها؟ لم تكن أمنيتي بقدر ما كانت أمنية والدي الذي كان يدين بالديانة المسلمة على المذهب المالكي، وكان يتمنى من الله تعالى أن تلدني أمّي ذكراً، ليس من أجل أن الذكر أحسن من الأنثى، وإنما الذكر ليس كالأنثى في أفريقيا التي يكثر فيها الفساد والظلم؛ لأنّها دولٌ نائية -لمّا يدخل الإسلام فيها- فأراد بأن أكون صبيّاً حتى أكمل الطريق الذي بدأه في نشر الإسلام. أمنية امرأة عمران كانت أن يكون ما في بطنها ذكراً، وأمنية آدم والدك هي ذاتها، فهل كانت حواء مثل مريم في تحديد الهدف من قبل الأسرة؟ ممّا قيل لي إن بعد ولادتي والدي صلّى وتقرّب إلى الله (عزّ وجل) ونوى بأن يجتهد ليربيني تربية دينية، وأن أخدم الإسلام مهما كلّفه الأمر، وطلب من أمّي مساعدته في هذا الأمر، فما كان من أمّي إلّا أن تدفعني نحو هدف واحد وهو نشر الإسلام؛ فقد أكون انتهجت منهج مريم (عليها السلام) نحو الهدف، وهو التوحيد لله (عزّ وجل). (أساس المعرفة) ماذا درستِ؟ رأيتُ نفسي قارئة للقرآن منذ صغر سنّي، وحينما بلغتُ الثالثة من عمري حدثت النقلة النوعية في تلقي علوم القرآن في المدينة التي كنّا نقطنها، إذ كانت يوميات الطالب المسلم تقتصر على الحلقات القرآنية، وكانت بيوت أحد المتبرعين تحتوي هذه الدروس؛ لأن التعليم كان يقتصر على تعليم اللغة الإنجليزية، وعلى المذهب المسيحي، حتى جاء ذلك الصديق الذي عدّه والدي أنه سيكمل مسيرة نشر الإسلام في غينيا، وكان قد درس في السنغال (القرآن وعلومه)، فطلب منه والدي البقاء وتعليم الأطفال القرآن الكريم، وكان لهذا الدرس إقبال كبير من قبل المسلمين في غينيا إلّا أنّني أكملت مسيرتي التعليمية الأكاديمية في المدارس الإسلامية متنقّلة بين (كويندوتان - فريتون - إلى أن استقر تعليمي في المدينة المنورة) على أنني لم أجد ضالتي، فكنت دائماً وأبداً أشعر بالنقص يعتريني، حتى وصل إلينا وفد من جامعة الزهراء (عليها السلام) وقد وجدتُ به ضالتي، وحصلتُ على الشهادة الدبلوم في العلوم الإسلامية، لتكون المفتاح الأول لباب التشيّع الذي كان مؤصداً. هل ساعدك التشيّع والتخصّص في العلوم الإسلامية على النهوض بالمرأة الغينية؟ التشيّع في نظري ومن خلال مَن عشت في كنفه سواءً أباً أم زوجاً، حتى المحيطين بي، هو مذهب يراعي حقوق المرأة وينتصر لها؛ لأن سورها فاطمة الزهراء (عليها السلام) التي علّمت المرأة المسلمة كيف تكون عابدة في تقرّبها إلى الله (عزّ وجل)، وكيف تربّي أبناءها؟ وكيف تصلح نساء مجتمعها؟ وجعلتها حاضرة بمعلوماتها وآرائها وسط الآخرين حينما تعلو الأصوات. (من التدريس إلى التطوع) كونك مدرسة ومربية أجيال كيف اتجهتِ لتكوني ناشطة في المجال الديني ودعم المرأة المسلمة؟ النشاط الاجتماعي سواءً (التربوي أم الديني) وضع في غينيا حينما وفدت إلينا المجموعات الإسلامية التي تدعو إلى الإسلام، ولا فرق بين المذاهب، ولقد وجدت مثل غيري من أبناء مدينتي حاجة بلدي للتطوع؛ لذلك تطوعت في إدارة جمعية الكوثر؛ لأكون على تواصل مع الأخوات في إيجاد حلول للمشاكل التي تصادفهم حتى كانت الخطوة الأولى في تطوع العديد من الأمهات في الالتحاق بهذه الجمعية لإعداد أمهات صالحات تربينَ في حجر السيّدة الزهراء (عليها السلام)، وإن طحنت الصعاب التي تعصف بنا كمسلمين في الدول الأفريقية. فمن خلال هذا الباب وذاك الباب تدرج نشاطي، واهتمامي، وعملي. كيف ذلك، وما الاختلاف بين مجال التعليم والنشاط الاجتماعي؟ لقد وجدتُ نفسي في احتكاك مع العالم الخارجي، وذلك عن طريق المعايشة لآلام الناس والتعامل مع الناس التي كانت توضح لي الطريق، وتسهّل لي الصعاب، فأصبح لي هاجس وتوجه لمشاركة المرأة الغينية، ليس فقط حقّها بالتعليم وإنما حقّها في المشاركة الفعلية للنشاطات التي تبرز مظلومية المرأة كمظلومية السيّدة الزهراء (عليها السلام)، والسيّدة زينب (عليها السلام)، وكيف استطاعت التسلّح بالإيمان وبالقرآن الكريم. (المختارة) هذا أدى إلى أن تلتحقي بدورات تدريبية للعلوم الدينية، والمشاركة في ورشات عمل تنظمها السفارات؟ نعم، فأنا أريد أن تكتمل صورة المرأة المسلمة في غينيا، وأن يكون لها مكان في جميع أروقة الحياة أمام مرأى الناس، وهذا لا يكون إلّا عن طريق تسلحها بالإيمان، والقرآن الكريم، وأخلاق أهل البيت (عليهم السلام). هل ترين أنّ المرأة الغينية المسلمة أثرت بدورها في العمل التطوعي، وقدّمت ما لديها؟ الإنسان طوال حياته (يسعى) بغض النظر عن كونه رجلاً أم امرأة، فهو مع كلّ يوم تشرق به الشمس عليه أن يكون في عطاء جديد، فنحن نستمر في المنح والعطاء طالماً ما زلنا أحياءً، ومع هذا لا يوجد فينا مَن يقول إنّه أعطى كلّ ما عنده. (التجارب المتعلّمة) ما التجارب المتعلّمة التي مرّت بك وأصقلتك؟ أعتقد أنّ تجارب العمل كان لها طابع خاص في التأثير في الشخصية، بخاصّةً عند العمل مع جيل له حنكة ودراية، ويفوقنا في كمية المعلومات التي يمتلكها، كما أنّ الجيل المعلِّم لنا هو بمثابة ممهد لطريقٍ وجدنا وما زلنا به العديد من العثرات والأشواك، ومن خلال خبراتهم وتجاربهم تعلّمنا منهم، ليخلق بيننا وبينهم ثقة، ويفسحوا لنا الجلوس على كرسي التقدّم والرقي، فهم يختلفون كلّ الاختلاف عن مَن يلعب لعبة الكراسي. ما رأي ضيفتنا في مجلتنا؟ اسم (الزهراء (عليها السلام)) يحمل الكثير من المعاني البارزة في صياغة المرأة المسلمة، فكيف بنا ونحن في روضة من رياض الزهراء (عليها السلام)، وبالفعل كان هذا اللقاء لقاءً مميّزاً جداً؛ لأني اكتسبت معكم شيئاً جديداً، وحقّقت أمنية أخرى من أمنياتي بأن أكون ضيفة في صفحة من رياض الزهراء (عليها السلام) المميّزة. أنت في قلوبنا بعملك وكلماتك ونتمنى أن تتحقق الأمنيات التي تصبو إليها القلوب المسلمة بأن ترى النور في كلّ يوم تشرق به شمس يومٍ جديد. .............................. (1) (آل عمران:36).