رياض الزهراء العدد 105 سيّدة الأيمان
هَدِيَّةُ الرَّحمَن
محدثتي فَرِحة بسنّ تكليفها في مولد السّيّدة الزهراء (عليها السلام)، بعفوية سألتني: مَن هي فاطمة؟ قلت: حورية إنسية من أعالي الفردوس، أطلّت بنورها فأشرقت بطلّتها الأكوان.. هي ليلة القدر، سطعت بفجرها فكانت سلاماً.. حروف اسمها صاغها الفاطر من حروفه.. فمنح فضة الفردوس من فائها، وفي الألف اهتداء الأنام، وطه من الطاء اشتقاقه، والميم مشكاة نور الملكوت طاف حولها الذر. أين مولدها؟ بظلال العرش أينعت ثمرة الوجود، مقامها الجنان، رحيقها الكوثر وروح وريحان. مَن خدمها؟ حور عين كأمثال اللؤلؤ المكنون, وولدان مخلّدون إذا رأيتهم حسبتهم لؤلؤاً منثوراً، تغبطهم ملائكة السماء على شرف المخدوم. صفاتها؟ زهرة الكون لا شبيهة لها، كلّ صفات الحسن فيها وتأبى صفاتها الإحصاء، خلق النبيّ (صلى الله عليه وآله) والوصي إكراماً لها، ولولاها ما دارت الأفلاك. عبادتها؟ سيّدة الإيمان، إنها وطن النبوة ومهبط الوحي ومعدن التنزيل، وسرّ الإمامة ومحور التوحيد، كافأها ربّها بجعل رضاه من رضاها. كيف جاءت إلى الدنيا؟ أهداها الحبيب لحبيبه المصطفى (صلى الله عليه وآله)، النجمة الدرية هدية الرحمن، أزهرت من نور وجهها الدنيا، واستمدت من نورها الأقمار، أيام معدودات مجيئها كشهر رمضان، لحكمة أراد الله (عزّ وجل) فيها إزالة الأوثان. حياتها؟ كزنبقة بيضاء بمحراب الزهد والتبتل اكتمل صباها، بحسن التبعّل جاهدت وهي خير أم لأبيها، يكفيها من الدنيا قرص بُرّ تطوي عليه لتطعم على حبّه (..مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا)(1)، قبل أن ينهي المسمار حياتها في (..يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا).(2) هل ماتت؟! بل نحن مَن نحيا باسمها وهي مخلّدة، ملهمتنا بين الخافقين تنبض مادامت الأرواح فينا، أرجعها الله (عزّ وجل) إلى موطنها فعرج بروحها نحو السماء وتلقتها الملائكة مستبشرة (ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً)(3) وجزى الله تعالى صبرها (جَنَّةً وَحَرِيرًا)(4)، و(..نَعِيمًا وَمُلْكًا كَبِيرًا).(5) آه.. أيّ سرّ أنت يا روح الحياة، فُطم الخلق عن معرفتك، وفيك انطوى العالم الأكبر، أيا بضعة النبيّ (صلى الله عليه وآله) أضاءت أفق الكون فضائلك، تائهة عقول مَن لم يراها عن الصواب. ............................ (1) (الإنسان:8). (2) (الإنسان:7). (3) (الفجر:28). (4) (الإنسان:12). (5) (الإنسان:20).