الفَرَحُ مِن مَنظُور ٍإسْلَامِيّ

السيد محمد الموسوي مسؤول شعبة الاستفتاءات الشرعية
عدد المشاهدات : 173

قال تعالى: (قُلْ بِفَضْلِ اللهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ) / (يونس:58). وقال الإمام الصادق (عليه السلام): "إن الله تبارك وتعالى اطّلع إلى الأرض فاختارنا، واختار لنا شيعة، ينصروننا ويفرحون لفرحنا ويحزنون لحزننا".(1) لعلّ ثمة سؤال مهم يخطر في أذهان الأحبة، وهو: ما هو الشيء الذي يستحق الفرح حقيقةً؟ ولو طُرح هذا السؤال على جميع أصناف البشر لوجدنا إجابات مختلفة بعددهم لاختلاف قيم الأشياء باختلاف معارفهم وحقوقهم وهممهم، فمَن كان همّه الدنيا وجلّ رغباته فيها تراه يفرح بأمور قد تكون وبالاً عليه، فالزوجة التي كان يتمناها، والولد الذي كان ينتظره، والمنصب الذي كان يرجوه، والمال الذي كان يطلبه، لعلّه ينقلب نكالاً عليه، وحينها قد يتذكر قوله تعالى: (..إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ..)/ (التغابن:14). وأمّا مَن كان همّه الآخرة وجلّ رغباته فيها تراه يفرح حينما يستقرّ قلبه على مطلبه الأسمى، وتطمئن نفسه لحوائجه الأخروية، فتراه حينما يلتذ بقراءة دعاء يفرح، وحينما يوفق لصلاة في جوف الليل يفرح وحينما يقضي حاجة لمؤمن يفرح، وحينما يولد الإسلام من جديد بذكرى ولادة قادته بفرح، وحينما يتحول العمل الصالح إلى ملكةِ في قلبه بفرح، وتبقى فرحته الكبرى التي هي مطلبه الأول والأخير قوله تعالى: (..فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ..)/ (آل عمران:185). فتراه يبحث عاشقاً، يدعو باكياً، يناجي منقطعاً، لا يهدأ له قرار، ولا يستقرّ له كيان، حتى يجد ضالته, قال تعالى: (..وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ..)/ (التوبة:72). فلذا حريّ بالمؤمن أن يكون مدار فرحه الحقيقي هو تحقيق وتحقّق الفضل والرحمة الربانية، قال تعالى: (قُلْ بِفَضْلِ اللهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ)/ (يونس:58). ................................. (1)الخصال: ص635.