أَجمَلُ الأَفْرَاح

منتهى محسن محمد/ بغداد
عدد المشاهدات : 243

تتوالى الأفراح في كلّ البيوت وتتنوع بتنوع المناسبات السعيدة، ففي داخل البيوت تتعالى الضحكات وتتشح الوجوه بالبسمات، فأم حنون تدعو الأهل والخلان، وتنصب ألذ أنواع الطعام لمناسبة حصول ابنها على معدل يؤهله لكلية الطب، وأخرى تهلّل وتوزع الحلويات والعصائر ليوم زفاف ابنها الوحيد، وواحدة تهلّ دموع الفرح وهي تشهد لحظة ولادة ابنتها البكر لطفل جديد، و..و..هكذا تتنوع الأفراح وتعلو الأهازيج داخل البيوت وتختلف من بيت لآخر. لكن تُرى ما سيكون حال عباد الله (عزوجل) عندما تتوحد الأهداف، وتزدان الدنيا بفرحة الميلاد، ليعيشوا أجمع الفرحة، وأيّ فرحة هي؟! إنها فرحة تسعد الأرواح والأبدان معاً! إنها فرحة يوم النصف من شعبان عندما يأذن الله (عزوجل) بالطلعة البهية لصاحب العصر والزمان، إنها لفرحة سيحتفي بها كلّ المنتظرين والعشاق، فيا لها من ليلة مباركة سيشرق بها قمر آل محمد صلوات الله تعالى عليهم أجمعين. جاء عن السيّدة حكيمة (عليها السلام) في رواية طويلة حول مولد الإمام الموعود (عجل الله تعالى فرجه الشريف) "..فاستقبلتني نرجس ترتعد, فضممتها إلى صدري وقرأت عليها (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ)(1)، و(إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ..)(2)، وآية الكرسيّ فأجابني الخلف من بطنها يقرأ كقراءتي، قالت: وأشرق نور في البيت فنظرت فإذا الخلف تحتها ساجد إلى القبلة فأخذته، فناداني أبو محمّد (عليه السلام) من الحجرة "هلمّي بابني إليّ يا عمّة" قالت: وغمرتنا طيور خضر, فنظر أبو محمّد (عليه السلام) إلى طائر منها, فدعاه فقال: خذه فاحفظه حتّى يأذن اللَّه فيه, فإن اللَّه بالغ أمره، قالت حكيمة: فقلت لأبي محمّد: ما هذا الطائر وما هذه الطيور؟ قال: هذا جبرائيل وهذه ملائكة الرّحمة، ثمّ قالت: ولمّا ولد كان نظيفاً مفروغاً منه، وعلى ذراعه الأيمن مكتوب (..جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا)(3)".(4) فأيّ فرح سيعتمر في القلوب يوم ولادته الميمون؟ وأي بهجة تعادل بهجة الميلاد المبارك؟ وكيف سيعلو الهتاف في الشوارع والأزقة؟ وكم من الشموع ستوقد؟ وكم من أوراق الياس والقداح ستنثر؟ عندئذٍ ستتوحد القلوب حتماً بالفرح الأكبر الأشمل، وعندئذٍ ستبتهج النفوس بالأمل والسعد والبلسم. والسؤال الذي ينبثق من ثنايا الأحرف يقول: إذا كان اجتماع الناس اليوم على فرحة الميلاد وائتلاف قلوبهم على هذا النحو البهيّ، فكيف سيكون اجتماعهم على فرحة الظهور؟ بل وكيف لهم أن يجتمعوا سوياً لأجل التعجيل لظهوره المبارك؟ "ولو أنّ أشياعنا وفقهم الله لطاعته على اجتماع من القلوب في الوفاء بالعهد عليهم لما تأخر عنهم اليمن بلقائنا، ولتعجلت لهم السعادة بمشاهدتنا على حق المعرفة وصدقها منهم بنا" جاء من توقيعه عجل الله تعالى فرجه الشريف الصادر إلى الشيخ المفيد.(5) وهنا كان لابدّ لنا من التساؤل: تُرى هل تحقق شرط الظهور الميمون؟ وهل تجتمع اليوم قلوب المسلمين قلباً وقالباً لكي تعمل سوياً لأجل ذلك الظهور؟ ما زال الأمل يحذو ويتسلل كينبوع الماء الرقراق، وهو يدغدغ أرضنا البور في أن نشمّر السواعد ونتحد وندثر كلّ الفتن وننهي كلّ الخلافات التي تحول بين تحقيق ذلك الهدف الشريف، لننعم جميعاً بحول الله تعالى وقوته بالطلعة البهية والحياة الآمنة الكريمة. .................................... (1) (الإخلاص:1). (2) (القدر:1). (3) (الإسراء:81). (4) المحجة البيضاء في تهذيب الأحياء: ج4، ص345. (5) الاحتجاج: ج2، ص273.