فَضِيلةُ السِّواكِ وآدَابُهُ

سهام عبد الجبار
عدد المشاهدات : 167

كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) إذا فرغ من الاستنجاء اشتغل بالوضوء، فقد قيل: لم يُر رسول الله قطّ خارجاً من الغائط إلا توضأ ويبتدأ بالسواك. فعن النبي (صلى الله عليه وآله): "إن أفواهكم طرق القرآن فطيّبوها بالسّواك"، فينبغي أن ينوي عند السّواك تطهير فمه لقراءة الفاتحة، وذكر الله في الصلاة، وعنه (صلى الله عليه وآله): "صلاة على أثر سواك أفضل من خمس وسبعين صلاة بغير سواك". وقال (صلى الله عليه وآله): "لولا أن أشقّ على أمتي لأمرتهم بالسواك عند وضوء كلّ صلاة"، وقال (صلى الله عليه وآله): "ما زال جبرائيل يوصيني بالسّواك حتى خفت أن أخفي أو أُدرد"، وقال (صلى الله عليه وآله): "لكلّ شيء طهور، وطهور الفم السواك"، وقال الباقر (عليه السلام) في السواك: "لا تدعه في كلّ ثلاثة أيام ولو أن تمرّه مرة واحدة"، وقال الصادق (عليه السلام): "في السواك اثنتا عشرة خصلة: هو من السنّة، ومطهرة للفم، ومجلاة للبصر، ويرضي الرحمن، ويبيّض الأسنان، ويذهب بالحفر، ويشدُّ اللثة، ويشهي الطعام، ويذهب البلغم، ويزيد في الحفظ، ويضاعف الحسنات، وتفرح به الملائكة". كيفية الاستياك: أن يستاك بخشب الأراك أو غيره من قضبان الأشجار مما يخشن، ويزيل القلح بالعرض، ففي الحديث النبوي: "اكتحلوا وتراً واستاكوا عرضاً"، ويجوز الاعتياض عنه بالمسبحة والإبهام عند عدمه أو ضيق الوقت كما يُستفاد من الأخبار. وقت الاستياك: وقته عند كلّ صلاة، وعند كلّ وضوء وإن لم يصلِّ بعده، وعند تغيّر النكهة بالنوم، أو طول الازم(1)، أو أكل كلّ ما تكره رائحته. وعن الصادق: "إذا قمت بالليل فاستك، فإن الملك يأتيك فيضع فاه على فيك، وليس من حرف تتلوه إلا صعد به إلى السماء، فليكن فوك طيّب الريح". وُروي عن الصادق (عليه السلام) أنه قال: "وكما تزيل ما تلوث من أسنانك من مطعمك ومأكلك بالسواك، كذلك فأزل نجاسة ذنوبك بالتضرع والخشوع والتهجد والاستغفار بالأسحار، وطهّر باطنك وظاهرك من كدورات المخالفات وركوب المناهي كلّها، خالصاً لله فإن النبي (صلى الله عليه وآله) أراد باستعماله مثلاً لأهل اليقظة وهو أن المسواك نبات لطيف نظيف، وغصن شجر عذب مبارك، والأسنان خلق خلقه الله تعالى في الفم آلة وأداة للمضغ وسبباً لاشتهاء الطعام وإصلاح المعدة، وهى جوهرة صافية تتلوث بصحبة تمضيغ الطعام، وتتغير بها رائحة الفم، ويتولد منها الفساد في الدماغ فإذا استاك المؤمن الفطن بالنبات اللطيف ومسحها على الجوهرة الصافية أزال عنها الفساد والتغيّر، وعادت إلى أصلها، كذلك خلق الله القلب طاهراً صافياً وجعل غذاءه الذكر والفكر والهيبة والتعظيم، وإذا شابت الغفلة والكدر القلب الصافي صقل بالتوبة ونظف بماء الإنابة ليعود على حالته الأولى وجوهرته الأصلية الصافية قال الله (عز وجل): (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ )/ (البقرة:222)". وقال النبي (صلى الله عليه وآله): "عليكم باستواك ظاهر الأسنان" وأراد هذا المعنى: (ومَن أناخ تفكره على عتبة باب العبرة في استخراج مثل هذه الأمثال في الأصل والفرع، فتح الله له عيون الحكمة والمزيد من فضل الله، والله لا يضيع أجر المحسنين). ................................ (1) الصمت والإمساك من كتاب: أسرار العبادات: للعلامة الكبير الفيض الكاشاني، ص18-20.