لَحظَاتٌ مُبَارَكَةٌ مِن النِّصفِ مِن شَعْبَان
سُئل الإمام الباقر (عليه السلام) عن فضل ليلة النصف من شعبان، فقال (عليه السلام): "هي أفضل ليلة بعد ليلة القدر، فيها يمنح الله (عزوجل) العباد فضله، ويغفر لهم بمنّه، فاجتهدوا في القربة إلى الله (عزوجل) فيها، فإنّها ليلة آلى الله (عزوجل) على نفسه أن لا يرد سائلاً سأله فيها ما لم يسأله معصية..".(1) كم أنت كريم يا إله العالمين، فمَن خلقتهم حاشى لعظمتك وجلالك أن تتركهم ينتصفوا المسير حيارى تائهين أضاعوا السبيل لإكمال درب العشق وصولاً لمبتغاهم, إلا وهو رضاك يا ذا الجلال والإكرام. تتوالى الأيام والليالي, قدر, فرغائب, والأيام التي اتشحت بالبياض, كلّها لأجل غسل النفوس من درن الذنوب, يوم كجمال هذه الأيام وطهارتها ونقائها أخذت من قاموس الحياة مستقراً ومقاماً لها, لساعات ليلة الخامس عشر من شهر شعبان ودقائقها عناية خاصة من لدن المولى الرحيم لعباده الصالحين السائلين الرضا والغفران، فلا يردّ فيها للسائل مبتغاه ومناه, تردّ هنا للروح الضعيفة التي سألت الباري القوّة والقدرة على التمسك بأغصان شجرة الإيمان بعد أن غدت منكسرة بفعل تواتر الذنوب ومثقلة بصنوف القبائح من الشهوات المختلفة. للمؤمن الذي بباطنه روحه, وظاهر بدنه شاب مقبل على الحياة عناية خاصة من قبل أهل البيت الكرام (عليهم السلام)، والعلماء، والعرفاء, فلوجدانهم القابلية الأسرع في إلباس روحهم الأنقى والأطهر من المعارف والأنظمة الحياتية, لهذه كم من الجميل أن يخصصوا في قاموس حياتهم هذه الليلة ليعيدوا الترتيب والتصنيف لجعل شمعة الحياة مضاءة ببركات العترة الطاهرة (عليهم السلام) ومكللة برضا الرحمن. أكثر بركات هذه الليلة هو تشرّف الدنيا بولادة المخلّص الذي بظهوره يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما مُلئت ظلماً وجوراً. جاء ووُلد روحي لتراب مقدمه الفداء (عجل الله تعالى فرجه الشريف), وأشرقت أنواره على هذا العالم ليجعل من أنفاسه المباركة وروحه الطاهرة السبب في سير الكون بعيداً عن عذاب الله (عزوجل) بما فعل السفهاء, وما سفكوا من الدماء البريئة على الأرض. لا تتوقف أفضال هذه الليلة على هذا القدر, بل ولمَن أراد الاستزادة من بركاتها فصحن سيّد شباب أهل الجنة مفتوح للمؤمن الذي يريد أن تتعطر روحه بعبق الجنة, هنيئاً لمَن سُجل من العابدين القائمين الراكعين في هذه الليلة تحت قبة ابن بنت حبيب الله (صلى الله عليه وآله)، هنيئاً لمن قال تعالى فيهم: (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ.../( (الأحزاب: 23) هم حشد الله المقدّس, الذين كُتب لهم أن تبدأ مسيرة العشق والخلود الأبدي بفتوى السّيّد السيستاني (دام ظله) الذي صار حامياً للمذهب بفتواه الشريفة التي زلزلت الأرض تحت أقدام أعداء الإسلام بسواعد الأبطال الذين عشقوا وتمنوا من مسيرة الحياة خاتمتها, ألا وهي الشهادة، فداءً لتراب أرض يهيّئوها لمَن سيمشي عليها وينشر في سمائها راية الهدى. إلهي! نسألك بحقّ مَن كرّم هذه الليلة بمولده الشريف أن تكتبنا من القائمين العابدين لك في كلّ أيام حياتنا، وخصوصاً في ليلة امتزجت فيها البركات والفضائل ببعضها بعضاً ليلة النصف من شعبان. ...................................... (1) وسائل الشيعة: ج8، ص106.