رياض الزهراء العدد 119 لحياة أفضل
النِّصْفُ الآخَر - نقاء قلبيْنِ
تهمس في خياله تلك النظرات الخجولة التي زينت وجه الحبيبة، وهي تطلب منه أن يشتري له بالنقود التي ادخرها ملابس جديدة بدلاً من الملابس القديمة التي يمتلكها، فلابدّ له من أن يظهر بمظهر لائق أمام الناس، حانت منه التفاتة إليها وهو يتفحص براءة وجهها، لم يخبرها بأنه ينوي أن يشتري بالنقود التي ادخرها ملابس لها، فهي أيضاً لا تمتلك ملابس لائقة، وهام في خياله متسائلاً: هل هذا حلم أو خيال؟ هل يوجد في هذا الزمن امرأة تفضل زوجها على نفسها في الشراء؟ الأفكار نفسها راودتها وهي تحلّق في عالمه الجميل، كلاهما كانا يحملان قلبين نقيّين, يحملان من الصفاء ما يصمد أمام سوداوية الواقع الذي يعيشانه، لكنهما حوّلا هذا السواد إلى جنة عرضها المحبة والوئام، صحيح إنها غرفة صغيرة في مساحتها, بيد أنها طوّقت بدفئها الزوجيْن المحبين، هي لم تأبه لتسلط أم زوجها، وهو يحاول أن يصلح أو يخفف من حدّة التوتر بين الزوجة والأم، كانت البراكين تثور في الدار، وفي غرفتهما تنمو الأزهار والرياحين بأجمل الألوان. جميلة هي بحبّه، وشامخ هو بطاعتها له.. جعلها ملكة في مملكته، وجعلته عاشقاً يبوح بتباريح الهوى تحت شرفتها.. في المساء بعد عودته من عمله كان يحمل كيساً فاخراً، وكانت هي تتهيأ لاستقباله في عشّهما الدافئ، وتحمل كيساً فاخراً أيضاً، جاد بما عنده لها، وجادت بما عندها له، فبارك الله لهما في حبّهما وفي حياتهما.. وبعد سنين فتح الله تعالى عليهما من فضله، وبقيا على عهدهما لم تغيّرهما السنون ولا الظروف.. بقي مليكها وبقت مليكته.