رياض الزهراء العدد 119 لحياة أفضل
أَبِي.. اقتَرِبْ مِنِّي
إنَّ وجود الأب في حياة الأطفال يعني الحماية والرعاية، يعني القدوة والسلطة والتكامل الأسريّ، فالأطفال بحاجة إلى أن يشعروا بأنَّ هناك حماية ورعاية وإرشاداً يختلف نوعاً ما عمّا يجدونه عند الأم، وبأنّ الأب هو الراعي الأساسي للأسرة، وهو المسؤول عن رعيته، فوجود الأب كمعلّم في حياة الطفل يعدُّ من العوامل الضرورية في تربيته وإعداده، وعلى الرغم من أنّ الأُم هي الأساس في حياة الطفل منذ الولادة إلّا أنّ دور الأب يبقى له أهمية من نوع آخر؛ وذلك من خلال تقديم الحنان الأبويّ، والسهر على حياة الطفل وحمايته من كلّ أذى، بالتواصل معه والتقرب منه، فينمو الطفل ويكبر على أسس تربوية سليمة، ولكن يا للأسف نرى بعض الآباء يظنون أنّ دور الرجل يقتصر على تأمين السكن، والملبس، والمصاريف، ويعرّفون مفهوم ربّ الأسرة بأنّه ذلك الديكتاتور المتسلّط الحازم في كلّ شيء, لكن هذا خطأ فادح، فمشاركة الأب في تربية الأبناء شيء في غاية الأهميّة؛ لِمَا له من تأثير قوي في شخصيّة الأبناء، فالأب يستطيع تحقيق التوازن الأسريّ من خلال اهتمامه بأبنائه -ولاسيّما البنات- ومصاحبتهم ومعرفة أفكارهم وميولهم وهواياتهم، ويحاول أن يساعدهم في حلّ مشكلاتهم ومعرفة أصدقائهم، ويكون لهم الصديق المخلص الموجود دائماً، حتى لو كان غائباً تبقى مبادئه وأفكاره راسخة في أذهانهم، كما أنه عليه إرشادهم وتقويمهم واستخدام الشدّة والحزم إلى جانب الرفق والتسامح، فإحساس الأبناء بوجود رادع لهم يجعلهم على حذر من الوقوع في الخطأ، كما أنّه يجب على الأب تعويدهم على أسلوب النقاش والحوار، ما يمنحهم الثقة بالنفس، وعليه أن يمنحهم الإحساس بوجود الصدر الحنون الذي يلجؤون إليه عندما يصعب عليهم حلّ مشكلاتهم بأنفسهم، وبهذا يبعد عنهم مشكلة الضياع، لكن أكثر ما نشاهده في مجتمعاتنا أنّ الأب أصبح دوره مجرّد بنك للتمويل، يكدّ ويشقى لتوفير لقمة العيش والرفاهية لأبنائه، ويغيب لساعات طويلة عن المنزل، وأصبح كالضيف الذي يحلّ على البيت؛ ليأكل وينام فقط، ولا يعلم بالقرارات التي يتخذها أبناؤه في غيبته، سواء في اختيار الملابس أم الأصدقاء، حتى في تحديد مصيرهم التعليمي، أو في ما يرتكبونه من أخطاء؛ لذا يجب التنويه على دور الأب في الأسرة, وعدم تأطيره بإطار محدد؛ كي تكون النتائج فيما بعد سليمة لكلا الطرفين (الأب والأبناء) على حدّ سواء.