رياض الزهراء العدد 119 الملف التعليمي
الاختِصَاصِيّ الاجتِمَاعِيّ مَلَاذُ الطَّلَبَةِ الآمِن
يكمد الطالب همومه المدرسية في كثير من الأحيان، وبين حيرة وخفايا يتلاشى ملاذه الآمن، فهو مفتقد لسمات الحوار، وقد يكون المحيط المحتوي له لا يمتلك هذه السمات، وبين تجربة وأخرى تضيع قواعده الصلدة، ولنؤصل مفاهيم وحقوق معنية بالطالب عليه أن يفهمها هو عن طريق اختصاصي تربوي ليكون حصن كلّ طالب يلوذ به، وليفسح له المجال للحوار؛ ولهذا عنينا بالتركيز على هذا الجانب في إبراز الجهات المضيئة وتنوير الجهات المظلمة التي عتمتها الأفكار والثقافات القديمة في إبراز الدور الفعال للاختصاصي الاجتماعي، فالتقينا بعدد من الاختصاصيات الاجتماعيات في مدارس الإناث لمعرفة نشاطاتهنّ في هذا المجال.. رياض الزهراء (عليها السلام) ملهمتنا التقينا في البداية مع الست (رابحة)/ مرشدة تربوية في إعدادية كربلاء للبنات، وتحدثت عن عملها في الإرشاد قائلةً: حلّ مشاكل الطالبات الاجتماعية والنفسية مسؤوليتنا الأساسية، والرعاية هي جزء من عملنا وبخاصة فاقدات الأهل. والحوار مع ذوي الطالبات عن طريق مجالس الآباء والأمهات، وإعطاء الطالبات محاضرات أسبوعية نقتبس محاورها من مجلتكم (مجلة رياض الزهراء (عليها السلام))، ونشرتي الكفيل والخميس اللتين تصدران عن العتبة العبّاسية المقدّسة، ويتم توجيه الرسالة المقصودة عن طريق سرد القصص، ونستثمر إحياء المناسبات الدينية لغرس قيم بيت النبوة عن طريق تجسيد شخصياتهم وبخاصة واقعة الطف في مسرحيات مؤثرة، لتقدّم بأسلوب مؤثر ومتأصل في كلّ طالبة قدّمت الشخصية. موقف الأهل وتحدثت الست (زهرة مهدي) مرشدة تربوية في مدرسة ميسلون عن خطة عملها السنوية قائلةً: كلّ اختصاص يحتاج إلى خطة في البداية لتنفذ، لكن في عملنا تعدّ الخطة بحسب المشكلة التي نواجهها، فالمشاكل عديدة وتؤثر بصورة كبيرة ونتأثر بها حتى حين رجوعنا إلى البيت، ونتابع مشاكل الطالبات العائلية والمدرسية، ونتابع المستوى الدراسي للطالبات، وحين وجود أيّ عائق نحاول أن نحتويه وبسرية تامة من خلال سماع المشكلة وحلّها مع مَن لهم علاقة بها كالملاك التدريسي والأهل، ونستخدم طريقة التوجيه من خلال الإرشاد الجماعي وبخاصة في وقت الدروس الشاغرة، وعرض النشرات التوعوية المتضمنة أحاديث أهل البيت (عليهم السلام) على حيطان المدرسة، وتعاون الأهل هو أساس في حلّ المشكلة، فكثير منهم قليلو التعاون معنا في هذه الناحية؛ بسبب ثقتهم الكبيرة ببناتهم، وهذا ليس سيئ، لكن عدم تقبلهم المشكلة تزيد الأمور سوءاً، فطريقة تعامل الأهل بصورة إيجابية تساعد على حلّ المشكلة. اكتئاب وتكلّمت الست (هدى قاسم) باحثة تربوية في مدرسة السيّدة رقية (عليها السلام) للأيتام عن دورها كاختصاصية اجتماعية في المدرسة قائلةً: نتابع الطالبات من ناحية الجانب الصحي والجانب التعليمي، وأستثمر طريقة الإرشاد الجماعي وبخاصة في الدروس الشواغر، فأروي لهنّ القصص الهادفة، ونعالج المشاكل الاجتماعية والمادية التي تواجههنّ، ونتواصل مع أولياء أمورهنّ إن تطلّب الأمر، ومن الحالات الشائعة التي لا يعرفها الأهل حالات الاكتئاب والعزلة التي قد تصاب بها الطالبة نتيجة ظروفها وبخاصة بفقدها أحد والديها أو كليهما، وكثير من ذوي الطالبات يجهلون هذه الحالة التي تصل إليها الطالبة، فعليهم أن ينتبهوا لبناتهم ونحن من ناحيتنا نتابع حالتهنّ بصورة مستمرة من قبل طبيب نفسي مختص يزور المدرسة كلّ أسبوع. المتابعة مسؤوليتنا وكانت لنا وقفة مع مدرسة العميد الابتدائية التابعة لقسم التربية والتعليم العالي في العتبة العباسية المقدسة، وتحدثنا مع الست (نورس هادي) باحثة اجتماعية لتخبرنا عن خطتهم في متابعة الطالبات فقالت: نتابع الطالبات عن طريق سجلات متخصصة بعدة جوانب تخدم الطالبة، وتحتوي على معلومات تفيدنا في المتابعة، ومن هذه السجلات سجل للمتفوقات، وسجل للأبوين، وسجل للغياب، وسجل للموهوبين والمتفوقين، وسجل الإرشاد الفردي الذي يختصّ بالطالبة التي لديها ضعف بالتعلّم، ولدينا سجل شامل لكلّ الطالبات. وأضافت الست (أمل مرزة) باحثة تربوية في المدرسة نفسها: الطالبات مسؤوليتنا، فنقوم بتوجيههنّ وإرشادهنّ لنعوّض بعض الأمور التي قد يغفل الأهل عنها؛ بسبب انشغالهم بوظائفهم وأعمالهم، فنقوم بمتابعة مشاكل الطالبات من أيّ جانب ومناقشة أيّ مشكلة بين الطالبة والملاك التدريسي، والتواصل مع الأهل في سبيل حلّ مشاكل تخصّهم بصورة مباشرة أو عن طريق دفتر يُكتب فيه ملاحظات يومية عن سلوك الطالبة لكي يتعرف أولياء الأمور على سلوك بناتهم اليومي، ويدرجوا فيه ملاحظاتهم لنأخذها بعين الاعتبار، وفي كلّ أسبوع نعطي درساً لتوعية الطالبات، فنعرض حكمة معينة، ونشرح عنها ونعطي أحاديث عن أهل البيت (عليهم السلام) تخصّ هذه الحكمة، ونعرض بعدها فيديو متعلّق بها يتضمن أسئلة عن الحكمة التي عرضناها ليجبنَ الطالبات عنها، إضافةً إلى إعطائهنّ دروساً دينية بحسب أسئلتهم التي يوجهونها إلينا، ونشاطاتنا الأخرى إحياء ذكرى المناسبات الدينية عن طريق عرض المسرحيات التي تخصّ الذكرى. للطالبات آراؤهنّ كثير من الطالبات لم يلتقين مع الباحثة التربوية لنقل مشاكلهنّ, فقط التقين بها عن طريق محاضرتها لغرض الإرشاد الجماعي، ومن الطالبات القليلات اللواتي تحدثنَ عن هذا الموضوع: (بنين علي) طالبة في المرحلة المتوسطة في مدرسة السيّدة رقية (عليها السلام) للأيتام، قالت عن هذا الموضوع: أذكر قصة قالتها لنا الباحثة عن امرأة مثابرة سعت في زمن الطاغية إلى أن تحافظ على مكتبتها من التلف نتيجة القوانين الصارمة آنذاك، وبدورنا تكمن مسؤوليتنا في أن نثابر في الحياة ونحافظ على الكتب كذلك. وتحدثت (فاطمة الزهراء مهدي) طالبة في مدرسة ميسلون: أيّ طالبة لديها مشكلة شخصية تلتجئ إلى الباحثة التربوية، فالعديد من الطالبات يلتجئن إليها في مشاكلهنّ. فعالية الأدوار تطوي خلفها أهمية بالغة يجهلها العديد من الناس، فالاختصاصية التربوية والنفسية تستطيع بتخصّصها أن تجد حلولاً لكثير من المشاكل وبخاصة للطالبات في مرحلة المراهقة اللواتي يخبّئنَ مشاكلهنّ الخاصة، فتكون بالنسبة إليهنَّ هموماً، فهنّ بحاجة إلى مَن يستمع إليهنّ، ومجتمعنا مفتقر لبنى أساسية في جذب الطالب واحتوائه عن طريق إشراك الطالبات في العديد من النشاطات والسفرات الترفيهية، وإنشاء صندوق لمقترحات الطالبات ومشاكلهنّ، والتعاون بصورة مستمرة لتوطيد علاقة الطالبة مع الهيأة التدريسية، وإقامة الندوات والمحاضرات بصورة دورية لا تقتصر على الدرس الشاغر فقط، فبحسب عمل الاختصاصي الاجتماعي الحيوي والمتجدد يستطيع أن يطوّر عمله ونشاطه وبمختلف الطرق.