رياض الزهراء العدد 79 شبهات قانونية
حُكمُ النّشُوزِ والشِّقَاق
النشوز بنظر الشرع الإسلامي الحنيف هو: عدم قيام أحد الزوجين بالحقوق المترتبة عليه تجاه الآخر، وهو إمّا أن يكون من جانب الزوج، وأمّا أن يكون من جانب الزوجة، نشوز الزوجة يتحقق بخروجها عن طاعة الزوج الواجبة عليها، وذلك بعدم تمكينه ممّا يستحقه من الاستمتاع بها، ويدخل في ذلك عدم إزالة المنفّرات المضادة للتمتع والالتذاذ بها، بل وترك التنظيف والتزيّن مع اقتضاء الزوج لها، وكذا بخروجها من بيتها من دون إذنه، ولا يتحقق النشوز فيما لو تركت عملاً ليس واجباً عليها كخدمة البيت. أمّا نشوز الزوج، فيتحقّق بمنع الزوجة من حقوقها الواجبة عليها كترك الإنفاق عليها، أو ترك المبيت عندها في ليلتها أو إيذائها من دون مبرر شرعي، فإذا وقع مثل هذا النشوز والمنافرة والشّقاق بين الزوجين فعليهم مراجعة الحاكم الشرعي الإسلامي، لغرض القيام بمَهمته الشرعية، وهو بعث حَكَمين – حَكَم من جانب الزوج وحكماً من جانب الزوجة – لغرض الإصلاح ورفع الشقاق قال تعالى: (وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا)/ (النساء:35). وعندئذ يلزم على الزوجين تنفيذ ما يتوصل إليه الحكمان بشرط أن يكون سائغاً شرعاً وبحسب الضوابط والتعاليم الشرعية الإسلامية. لكن المشرع العراقي في قانون الأحوال الشخصية قد خالف رأي الشرع الإسلامي في ذلك، حيث جعل الضرر والشّقاق سبباً للتفريق القضائي، ففي المادة (41) من قانون الأحوال الشخصية حصر مهمة الحكمين في الإصلاح، فإن تعذر الإصلاح وتعيّن التفريق، فإنّ المحكمة هي التي تُفرّق. فقد نصّت الفقرة الرابعة (أ) من المادة (41) على : (إذا ثبت لمحكمة استمرار الخلاف بين الزوجين وعَجَز الحكمان عن الإصلاح بينهما وامتنع الزوج عن التطليق فرّقت المحكمة بينهما) وهذا مخالف لرأي المذهب الجعفري، حيث مضمونه إذا اختلف الحكمان بعث الحاكم الشرعي حَكَمين آخرين حتى يتفقا على شيء، وعلى هذا ليس للمحكمة حقّ التفريق، ولا يترتب عليه أثر، بل تبقى العلقة الزوجية قائمة.