ظَاهرَةُ الاستِجدَاءِ العَاطِفِيّ وَتأثِيرُها فِي البِنْيَةِ الأُسَرِيّة

عبير المنظور/ كربلاء
عدد المشاهدات : 251

أسباب، نتائج وحلول تتعرض المنظومة الأسرية أحياناً إلى التخبط في بعض مراحل حياتها شأنها شأن أي منظومة، وبإمكانها مواجهة هذا التخبط من خلال الروابط والعلاقات بين أفراد المنظومة الأسرية نفسها، ومن المفترض أن يعم التفاهم والتعاون بين أفرادها لمواجهة تحديات هذه اللبنة من المجتمع في معترك الحياة، لكن ويا للأسف تتعرض المنظومة الأسرية اليوم إلى هجمة شرسة ممنهجة لتفكيكها وتفريغها من أهدافها فانتشرت ظاهرة الاستجداء العاطفي من أفراد الأسرة لأشخاص من خارج إطار المنظومة الأسرية، وغربة أفرادها في البيت الواحد، بل قد يصبح أحدهم أقرب إلى جهاز هاتفه أكثر من أسرته! والاستجداء لغة هو الاستعطاء أو طلب المعونة، ومصطلح الاستجداء العاطفي داخل الأسرة الذي أقصده هو طلب التعاطف والمشاعر من شخص ما خارج نطاق الأسرة؛ لأنه يفتقدها في أسرته. وأسباب هذه الظاهرة كثيرة، أهمها هو الفراغ والنقص العاطفي بين أفراد الأسرة سواء أكانت بين الوالدين أو الوالدين والأبناء أو بين الأبناء أنفسهم، وهذا الفراغ ناتج عن عدم معرفة الوالدين بأساس تكوين هذه البنية والهدف منها، وعدم إدراك حجم هذه المسؤولية والواجبات تجاهها أو قسوتهم في تربية الأبناء، ولا يخفى تأثير العولمة والإنترنت والإعلام في تغيير بعض المفاهيم والأفكار فجعلت كلّ من الزوج والزوجة والفتى والفتاة يلهثون وراء الشكل دون المضمون متخبطين في أداء أدوارهم في الأسرة، وخلق حواجز بينهم وبين بقية الأفراد ممّا يجعلهم يلجؤون إلى الاستجداء العاطفي خارج نطاق الأسرة حتى الأطفال لم يستثنوا أيضاً من هذا الفراغ العاطفي في الأسرة، فيزيدهم ذلك شعوراً بالاغتراب قد ينعكس على علاقتهم بالأسرة فغالباً ما نجد أنّ لعب الأطفال بالأجهزة الذكية وتعلّقهم بها أكثر من ارتباطهم باللعب مع شخوص أو شواخص المنزل. كلّ ذلك يؤدي إلى التفكك الأسريّ، وتفشي الخيانة الزوجية، وازدياد حالات الطلاق، وتنامي السلوك العدواني، وازدياد معدل الجريمة، أي بعبارة أخرى اختلال المعايير والنظم القيمية للمجتمع. والحلول الناجعة لهذه المشكلات يعتمد بعضها على أفراد الأسرة أنفسهم، وبعضها الآخر يعتمد على مؤسسات المجتمع، من خلال تعزيز مفهوم الزواج وأهدافه، وغرس مقومات البنية الأسرية المثالية في الشباب قبل الزواج من قبل الأهل ومؤسسات الإرشاد الأسريّ، والتوعية بشأن أسس التربية ومناهجها، والتواصل على الصعيد الأسري، واحتواء الأفراد بعضهم بعضاً، والتعاون وترك الخلافات وتعزيز الثقة وأواصر المحبة بين أفراد الأسرة، وتفعيل دورها كأسرة مترابطة في تحمّل المسؤولية ومواجهة كلّ ما يعترضها الأسرة؛ لنضمن بذلك صلاح المنظومة الأسرية والمجتمعية.