رياض الزهراء العدد 119 منكم وإليكم
الطِّيَرَةُ والتَّشَاؤُم
الطِّيرة اصطلاحاً: هي التنبؤ بحركات الطيور، أمّا التشاؤم فهو توقّع الشرّ لأسباب مختلفة، بعضها مرئي أو مسموع أو معلوم. كصوت الغربان، ورؤية البوم وغير ذلك. والطّيرة لا أساس لها سوى تتبع حالة نفسية ما أو اعتقاد موروث. أمّا التشاؤم فقد كان وما يزال مسيطراً على سلوكيات بعض الأمم. والطّيرة مشتقة من كلمة طائر، إذ كان الناس في زمن الجاهلية إذا أراد أحدهم الخروج في أمر ذهب إلى عشّ طائر وحرّكه، فإذا طار يمنة تيمّن به واستمر، أمّا إذا طار يسرة تطيّر وتشاءم منه. والإنسان بطبعه إذا أراد أن يُقدم على عمل شيء قد يتردّد أو يحتاج إلى النصح؛ لذلك قد نراه يلجأ إمّا للفأل أو الطّيرة ليطمئن، وما تزال هذه الاعتقادات راسخة في أذهان بعض الناس، كتشاؤمهم من يوم الأربعاء وشهر صفر. ولدفع المحذور كان الناس يعمدون إلى كسر الأواني الزجاجية أو إشعال النيران أو غيرها من الأوهام التي تتعارض مع الإسلام ومذهب أهل البيت (عليهم السلام). إنّ القرآن الكريم قد ذمّ الطّيرة والتطيّر، كحديثه عن تطيّر فرعون وقومه بموسى ومن معه، وكذلك في الآية الكريمة: (..إِنَّا تَطَيَّرْنَا بِكُمْ..((1)، فكان الردّ إنّ: (..طَائِرُكُمْ مَعَكُمْ..((2) أي أنّ شؤمكم مردود عليكم. وقد نهى النبيّ (صلى الله عليه وآله) عن التطير فقال: "لا عدوى ولا طيرة، ويعجبني الفأل الصالح.."(3)، وهو التفاؤل وحسن الظن بالله تعالى، كما ينهى علماؤنا الأفاضل عن التطيّر من شهر صفر ووصفه بالنحوسة، بل يسمونه بصفر المظفر لمحو ذلك الوهم من أذهان الناس. وخير ما نستخلصه من الحديث قول الإمام الصادق (عليه السلام): "الطيّرة على ما تجعلها، إن هونتها تهوّنت، وإن شددتها تشددت، وإن لم تجعلها شيئاً لم تكن شيئاً".(4) .......................... (1)،(2) (يس:18، 19). (3) ميزان الحكمة: ج3، ص2348. (4) الكافي: ج8، ص197.