قَمَرٌ مِن أَقمَارِ شَعْبَان

مريم اليساري/ كربلاء
عدد المشاهدات : 142

أشرقت سماء شعبان في يومها الخامس بأمر من الربّ الجليل، لتفتح أبواب الرجاء، ولتمطر الدنيا بزين آل الرسول (صلى الله عليه وآله). حلّقت عصافير السلام، وأزهرت بساتين الورود لتنبّئ بمولود سبط الرسول (صلى الله عليه وآله)، خير الساجدين على العالمين من الأولين والآخرين, رابع الأئمة الميامين من آل طه وياسين. عليّ بن الحسين (عليه السلام) هو زين العابدين, سيّد الساجدين، زين الصالحين ومنار القانتين، هو وليد مدينة جدّه الرسول (صلى الله عليه وآله)، وفي الأخبار أنه كان إذا حضر وقت الصلاة يقشعرّ جلده ويصفّر لونه، وكان يصلي في اليوم والليلة ألف ركعة، وسُمّي بذي الثفنات؛ لكثرة ما يصيب جبهته من السجود. هو صاحب الدور العلمي الذي أبهر العقول وحيّر رواد العلم، هو صاحب كتابي الصحيفة السجادية ورسالة الحقوق اللذين يعدان مدرسة في كلّ مجالات الحياة، مدرسة من العلم والموعظة، سلاح أساسي للمجتمع. هو مَن بلاه الله تعالى بالمرض يوم عاشوراء؛ ليحفظ به ذرية حبيبه رسول الله (صلى الله عليه وآله) حتى لا تخلو الأرض من الحجة، وليكون السرّ في إحياء واقعة عاشوراء وعدم طمسها بعد أبيه أبي عبد لله (عليه السلام)، هو مَن ألقى الخطبة المشهورة في مجلس يزيد اللعين لينبّه الناس على الواقعة المؤلمة. هو مَن استخدم أسلوبين في أداء دوره القياديّ في الأمة، الأول: التوعية السياسية مستثمراً حالة الحزن والانتباه للخطأ والشعور بالذنب لدى الناس بعد مظلومية أبيه الحسين (عليه السلام)، والثاني: هو أسلوب الدعاء لغرض التربية الروحية وامتصاص روح الهزيمة من النفوس واستبدالها بالنصر والإقدام. فنجح بهذا لتربية الأجيال في مدرسة الإيمان والرسالة والإخلاص، فتخرّج في مدرسته التربوية سنوياً أعداد هائلة من الشباب المؤمن من مختلف البلدان والأمم.(2) وهو مَن كان يشتري العبيد ليربّيهم التربية الصالحة، ويقدّمهم نماذج خيّرة للمجتمع. هو مَن كان يوصي أصحابه بالآخرة وترك الدنيا الفانية، فيقول (عليه السلام): (إخواني! أوصيكم بدار الآخرة، ولا أوصيكم بدار الدنيا فإنكم عليها حريصون وبها متمسكون، أما بلغكم ما قال عيسى ابن مريم (عليها السلام) للحواريين؟ قال لهم: الدنيا قنطرة فاعبروها ولا تعمروها. وقال (عليه السلام): أيكم يبني على موج البحر داراً؟ تلكم الدار الدنيا فلا تتخذوها قراراً).(2) فالسلام لك منّي سيّدي من أرضي إلى أرض البقيع التي تحتضن جسدك الطاهر. ..................................... (1) التاريخ الإسلامي للمدرسي، ص59. (2) الأمالي: ص43.