رياض الزهراء العدد 79 كيف تكونين مثلها؟
وَرِثَتْ الشَّجَاعةَ الهَاشِميَّة
هي صفية بنت عبد المطلب بن هاشم، وهي سيدة جليلة أسلمت قديماً وبايعت النبي (صلى الله عليه وآله)، وهاجرت إلى المدينة وتزوجها في الجاهلية الحارث بن حرب بن أمية، ثم خلف عليها العوام بن خويلد بن أسد، فولدت له الزبير والسائب وعبد الكعبة,وكانت شاعرة من الشواعر المجيدات في الرثاء وغيره. تميّزت السيدة صفية بالشجاعة التي ورثتها من آل هاشم والتسليم لأمر الله، فقد شهدت صفية غزوة أحد ولما انهزم المسلمون قامت وبيدها رمح تضرب في وجوه الناس، وتقول: انهزمتم عن رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فلما رآها رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال لابنها الزبير بن العوام: القها فأرجعها لا ترى ما بشقيقها الحمزة بن عبد المطلب، فلقيها الزبير فقال: يا أمه إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) يأمرك أن ترجعي، فقالت: ولِمَ، فقد بلغني أنه مُثّل بأخي وذلك في الله (عز وجل) قليل، فما أرضانا بما كان من ذلك لاحتسبنّ ولا صبرنّ إن شاء الله تعالى. فلما جاء الزبير إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) أخبره بذلك فقال: خلِّ سبيلها، فأتت صفية الحمزة فنظرت إليه وصلّت عليه واسترجعت واستغفرت له، ثم أمر رسول الله (صلى الله عليه وآله) به فدُفن. ثم شهدت غزوة الخندق وكان رسول الله (صلى الله عليه وآله) إذا خرج لقتال عدوه من المدينة رفع أزواجه ونساءه في حصن حسان بن ثابت، وكان من أحصن آكام المدينة، فمرّ رجل يهودي فجعل يطوف بالحصن، وقد حاربت بنو قريظة وقطعت ما بينها وبين رسول الله (صلى الله عليه وآله)، والمسلمون في نحور عدوّهم لا يستطيعون أن ينصرفوا إلى ذلك الحصن، إن أتاه آتٍ، فقالت صفية: يا حسان إن هذا اليهودي كما ترى يطوف بالحصن وإني والله ما آمنه أن يدل على عوراتنا مَن وراءنا من يهود، وقد شُغل عنا رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأصحابه فانزل إليه فاقتله، فقال: يغفر الله لك يا بنت عبد المطلب، والله لقد عرفت ما أنا بصاحب هذا، فلما سمعت صفية كلام حسان قامت، فأخذت عموداً، ثم نزلت من الحصن إلى ذلك اليهودي، فضربته بالعمود فقتلته، ثم رجعت إلى الحصن، فقالت: يا حسان انزل إليه فاسلبه، فانه لم يمنعني من سلبه إلا أنه رجل، فقال لها حسان: مالي بسلبه من حاجة يا بنت عبد المطلب. ومن الأمثلة على شعرها في رثاء أبيها عبد المطلب لما حضرته الوفاة: أرقت لصوت نائحة بليل على رجل بقارعة الصعيد ففاضت عند ذلكم دموعي على خدي كمنحدر الفريد على رجل كريم غير وغل له الفضل المبين على العبيد على الفياض شيبة ذي المعالي أبيك الخير وارث كلّ جود صدوق في المواطن غير نكس ولا شخت المقام ولا سنيد طويل الباع أروع شيظمي مطاع في عشيرته حميد رفيع البيت أبلج ذي فضول وغيث الناس في الزمن الحرود كريم الجد ليس بذي وصوم يروق على المسود والمسود عظيم الحلم من نفر كرام خضارمة ملاوثة أسود فلو خلد امرؤ لقديم مجد ولكن لا سبيل إلى الخلود لكان مخلدا أخرى الليالي لفضل المجد والحسب التليد