تَنهّداتُ مَظلومٍ_سَريرَةُ ظَالمٍ

آمال كاظم عبد
عدد المشاهدات : 136

يجنّ الليل فألوذ بظلامه؛ لأبوح له بما يجول في خاطري من زفرات أحرقت قلبي الحائر.. فالليل رفيق الحائرين، وموضع أسرارهم.. انتفضُ كالطائر المرتعش من فداحة ما تعرّضتُ له من ظلم.. ثم أهدأ وأسكن كمَن لا حيلة له، أتجرع الهوان وأتذوق المرارة.. يحترق قلبي ألماً، فتذرف عيوني دموعاً تحفر أخاديد القهر.. نعم هو الظلم خيّم عليّ بأجنحته المقيتة، ورائحته المقزّزة للنفس.. هو الظلم يحرق من الحياة حلاوتها، ومن النفس صفاءها، ومن الروح علياءها.. ويذر الأرض بلاقع.. أيها الظالم الغشوم، أياً كان اسمك أو رسمك، هل علمت قبلَ أن تظلمَ مدى فداحة ما فعلت؟ هل تذكرتَ وأنت تؤذيني قدرة الله عليك، وأنه فوق كلّ ذي قدرة قادر؟ هل راودك أنه سيأتي يوم أقف فيه أمامك أخاصمك وأحاججك تحت ظلّ حاكم عادل لا يحيف في حكمه ولا تأخذه الأهواء والميول؟ أين ستضع نفسك في ذلك اليوم؟ أمّا أنا ففي يومي وليلي أرشقك بسهام لا رادّ لها.. وأُسمع شكوتي لجبار السموات والأرض الذي لا تضيع عنده شكوى، ولا تُهمل لديه ظُلامة.. فانظر نفسك أين تضعها في (يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ)/ (الشعراء:88) يا صاحب القلب المريض؟ سَريرَةُ ظَالمٍ يا إلهي ما هذا الأرق الذي يلازمني..؟ وما هذه الحياة التي أعيش..؟ لقد فقدتُ طعم الراحة.. ولم أعد أشعر بشيء سوى الغيظ الذي يلازمني ليلَ نهارَ.. لا شيء يرضيني ويريح بالي.. فشيطاني متمكن منّي ويسيّرني كيفما يريد.. ويزيّن لي ما أفعل، ويحرّضني على التعالي والتكبر.. ولا يجعلني أرى غير نفسي وغير رأيي.. لأنه يوسوس لي بأني دائماً على صواب.. وأن الباقين خطّاؤون، لا يفقهون شيئاً.. ولا أطيق أن أرى أحداً أفضل منّي.. فأقوم بالنيل منه بالطرق شتّى، فمرة أبحث عن أيّ نقطة ضعف لديه.. لاستغلّها ضدّه، ومرة أبحث عن مثالبه فأفضحه بين الخلائق ليسقط من أعينهم.. وفي أكثر الأحيان أختلق له ما يشينه لأؤذيه وأستلذّ بذلك.. نعم أتلذّذ برؤيته وهو يتأذّى ويكاد يطير قلبي فرحاً وأنا أراه حزيناً.. ولا يهنأ لي بال إلا حين أسقطه من أعين الناس.. قلبي يغلي ليلَ نهارَ ولا يعرف للراحة طعماً... لا أطيق أن ينصحني أحد، وإذا فعل فسأجعله فريسة سهلة لمكائدي.. وأستعمل معه قدراتي على الغدر والمكر.. ولي من الأعوان مَن يعينني وينفّذ أوامري.. وهم طوع أمري، ويتملقون لي ويمتدحون ما أفعله.. وبذلك لن يستطيع أحد أن يقفَ بوجهي.