هِيَ الغَيْرَة

زهراء حكمت/ كربلاء المقدسة
عدد المشاهدات : 152

الغيرة هي صمام الأمان بالمجتمعات، ونقصد بها غيرة الرجل على عرضه ونسائه وكلّ مَن تحت يديه، بل كلّ امرأة يجد بها صورة الأخت أو الأم التي من الواجب أن تُصان، ولطالما تذمّرت النساء من موضوع غيرة الرجل، لكن باطناً يجدنها الأروع والأجمل، بل هي نسماتُ حنين خاصة تحيطهنّ رغم كبر العمر وامتلاء الوجه بالتجاعيد، لتجد نفسها بعينيه في ريعان الشباب وتشعر بحنانه وخوفه وقلقه وهواجسه بكلّ وقت ومكان. من الرائع أن تكون المرأة مصانة والرجل يكون ظلّها وخيمتها الأجمل، والجميع يعلم أنّ الدين والشرع فتح هذا الباب للرجل بل جعله باب إيمان وصفة يتشبه بها بصفات الله تعالى وأنبيائه ورسله، ورغم ما يتحدثن به المتحررات عن تلك القيود بسب وشتم ونعت بالجاهلية؛ إلّا أنهن يتمنين لو أنهن يعشن بها ولو للحظات، فتلك فطرة الله (عز وجل) في خلقه. لكن من المهم أن لا تزيد هذه الغيرة على حدّها فتشكل هاجساً مرضياً ببعض الحالات أو تسبب توقفاً لجميع نشاطات الفكر وتحركات البدن وقُدراته بالنسبة إلى الرجل بخاصة إذا دخلت مضمار الشك المميت والحرص المرضي النفسي بلا مبرّر، وكذلك لأن شدّتها قد تسبب نفوراً من بعض النساء وكبتاً وانفجاراً ولجوءاً للانحراف سعياً وراء مقولة كلّ ممنوع متبوع، ولنا بهذا الباب مصداق هو قول الإمام علي (عليه السلام) لابنه الحسن (عليه السلام): "إياك والتغاير في غير موضع الغيرة، فإنّ ذلك يدعو الصحيحة منهنّ إلى السقم..".(1) ونحطّ رحال الختام عند رجل الغيرة الأروع الإمام الحسين (عليه السلام)، إذ كان يخاطب أعداءه عندما شعر بامتداد أيديهم الآثمة لخيامه بسوء وهو على وجه الأرض في يوم عاشوراء قائلاً: "وَيْحَكُمْ، يا شيعَةَ آلِ أَبي سُفْيانَ! إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ دينٌ، وَكُنْتُمْ لا تَخافُونَ الْمَعادَ، فَكُونُوا أَحْراراً في دُنْياكُمْ هذِهِ..".(2) وحقيقة من النقص والخلل أن نغادر الموضوع بلا ذكر الكافل صاحب الحميّة العباسيّة العلويّة قمر العشيرة وبطل العلقمي العباس (عليه السلام) أرواحنا لنور طلعته فداء، ونحن نطالعه يحمي الحرائر والمخدّرات ويكفلهنّ بغيرة ولا أروع وأقدس منها بالتأريخ كلّه، غيرةٌ تنسج الهواء عيوناً بطولية، وتحوك الأرض ينابيع عفّة وحياء لكلّ امرأة تريد أن تكون بعزّة زينب (عليها السلام) وروعة بطولاتها رغم أنها الخفرة المخدّرة؛ لأنها تحيا وتنبض بكفّي الحامي والكافل (عليه السلام) وبنظراته السامية رغم تقطع أوصاله العلويّة. ................................. (1)الكافي: ج5، ص537. (2) موسوعة الإمام الحسين (عليه السلام): ص607.