سَعَادَتُهُم_ حماية العيال بين توجيهات الإمام السجاد (عليه السلام) وكفالة السّيّدة زينب (عليها السلام)

رنا محمد الخويلدي/ الأشرف
عدد المشاهدات : 149

هو ساجد في جبهتهِ، أثر الكون فيه كامن، وهو عابدٌ يصلي خلفه الظاهرُ والباطنُ، هو المفجوع الذي زفرته الرياح، ونحيبه الرعد، ودمعه المطر، وهو الأسير الذي أنّته على الظالمين سقر، هو الذي صعد الأعواد فصارت الأعواد سماءً، وهو النحيل الذي جلد بصوته الأعداءَ، ألا وإنهُ الإمام الرابع عليّ بن الإمام الحسين (عليه السلام) الذي كان في يوم الطف مريضاً فلم ينزل المعركة، وأُخِذَ أسيراً مع عيال أبيه الإمام الحسين (عليه السلام) وكانت المتكفّلة بالعيال عمّته السيّدة زينب ابنة عليّ أبي طالب (عليه السلام) إلّا أنها كانت بهذه الكفالة تحت توجيهات الإمام، وكانت تطبّقها خطوة بخطوة، فلم تتأخر لحظة واحدة عن مشورة إمامها والرجل من أهل بيتها، وهذا الأمر يذكرنا بإحدى الظواهر في مجتمعنا ألّا وهي إدارة النساء لمتطلبات البيت داخلاً وخارجاً من بناء وتجهيزات وتربية للأولاد وتقسيم لأدوارهم وغير ذلك من المسؤوليات، وكلّ ذلك بدلاً من ولاة أمورهنّ بعذر وغير عذر، والعذر هو أنّ هنالك نساء رجالهنّ مرضى طريحو الفراش، فهنّ مضطرات إلى إدارة البيت داخلاً وخارجاً، لكن مع ذلك عليهنّ أن لا يعدمن شخصية ذلك الرجل المريض إن كان أباً أو زوجاً أو أخاً، فيزدنه بذلك حزناً فوق مرضه، بل عليهنّ استشارته بما يخصّ البيت وتربية الأطفال؛ استشارةً لا تزيد همّه، وإنما تزيد ثقته بنفسه، وتعود على البيت بالفائدة؛ لأنّ الله (عزّ وجل) جعل القيمومة للرجل ليس فقط لأجل الإنفاق، بل لعدة امتيازات للرجال والنساء فيما بينهم، فقال:(الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ..)/ (النساء:34). وعليهنَّ مراعاة الشرع والعرف بتصرفاتهنّ وحديثهنّ مع الرجال الأجانب في كلّ الأحوال سواء كان ولاة أمورهنّ مرضى أو متوفين أو مقصرين، فتركوا لهنّ مَهمة إدارة البيت داخلاُ وخارجاً؛ لأننا نرى أغلب النساء اللّاتي يدرن البيت ومتطلباته من بناء وتجهيز تكون لهنَّ جرأة زائدة بتصرفهنَّ وحديثهنَّ مع الأجانب، ويستعملن الكلمات المعسولة (من عيني) وما شابههما، وهذه الكلمات بها خضوع واضح للرجل الأجنبي، والله تعالى لا يريد للمرأة أن تكون خاضعة، فتكون سلعة لكلّ مَن هبّ ودبّ، بل يريد لها العزّة والكرامة، فكان قوله تعالى: (..فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا)/ (الأحزاب:32). فهؤلاء النساء إذ ابتعدن عن ذلك سيكونن إن شاء الله تعالى قد أرحن أسرتهنَّ وأرضين ربهنَ، ومَن يرضى عنه الله تعالى سيرضيه بلا شك، ذلك من قوله تعالى في محكم كتابه: (..رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ..)/ (المائدة:119).