الإِعْلَامُ المُضَلِّلُ والشَّبَاب_ التلفاز والإعلام الراهن

أ.د. إيمان سالم الخفاجي
عدد المشاهدات : 134

الكثير منّا منزعجون من الإعلام الراهن، وكلّنا يعلم كم من الأسر تشاهد برامج التلفاز، ونلاحظ أنّ هدم الحضارة يبدأ أولاً يهدم الأسرة، إذن علينا أن نقوِّم الأسرة ونعدّها إعداداً صحيحاً، فمنذ الحرب العالمية الثانية تطوّر التلفاز ليصبح وسيلة، ومعدل أجهزة التلفاز لدى المنازل العراقية جهاز واحد على الأقل. حاليا وبينما أظهرت دراسة حديثة أنّ المواطن العراقي يقضي حوالي من أربع إلى ثماني ساعات يومياً يتابع البرامج، إضافة إلى أربع ساعات مع الإنترنت لذلك باتت الأسرة وأفرادها لا يمكن لها أن تنتقي البرامج التي تلائمها، إلّا إذا كانت واعية ومهتمة بالتربية الأخلاقية التوعوية الإسلامية لأفرادها، وعلى الأم والأب يقع عاتق هذه المسؤولية وأعباؤها. ولذلك نرى أنّ الكثير منّا منزعجون من كثرة العنف الذي يشاهده الأطفال، إذن على القائمين على توظيف هذه البرامج الحد من ظاهرة عرض أيّ برنامج وأي مسلسل (سواء للأطفال أم الكبار) كيفما اتفق، وعلى الأهالي تقع ظاهرة الاطّلاع على المحتوى العنيف في البرامج التي تعرض، وتخصيص القنوات الهادفة فقط للمشاهدة. هنا نجد أنّ الإعلام الراهن لا يهتم بالأسر، بل بدأت القنوات التي تهدف إلى التجارة والمنافسة عن طريق برامجها تزج العوائل والأسر في كلّ ما يفسخها ويهدد أخلاقياتها، ونحن كدول إسلامية علينا أن نحدّد صفتنا وصفة البرامج التي تبثّ لأسرنا وبخاصة أتباع أهل البيت (عليهم السلام)، ولعلّ إحدى أكثر القضايا الإعلامية المطروحة على بساط البحث والنقاش اليوم لا علاقة لها بالتقنيات الحديثة، بل بمفهوم قديم قدم الدهر، وهو مفهوم الخصوصية الشخصية في التلفاز. أقصد هنا مثلاً كأنموذج خلال شهر رمضان تنصب موائد وتوجه كاميرات على الموائد وأنواع الأكلات والفواكه وما لذّ وطاب، في حين هناك عوائل منعدمة ليس لديها رغيف يومها، فالمفروض احترام الخصوصية الشخصية وعدم عرض هذه الموائد، ولا داعي للمأكولات وتصوير محلّات أفخم الحلويات وأفخم الموديلات وأفخم المحلات للحصائر وغيرها، وكذلك الأيتام يجب أن نحترم خصوصية هذه الشريحة، فهناك منهم الشباب الذي ينبغي أن يظلّ بعيداً عن أعين وسائل الإعلام والتصوير. نعم ممكن مساعدتهم، ممكن إعطاؤهم ما يحتاجون ولهم حقّ على الجميع، لكن لديهم خصوصية تُحترم، فهم لا يودّون أن يُعطى لهم حاجتهم ويصورون أو يتخذهم بعضهم كسلّم، في حين نرى بعض القنوات تصور الأيتام وما قدّمت لهم، هذا الإعلام يخدم طبقة أو فئة معينة ولا يمكن أن نعدّه إعلاماً هادفاً لأي أسرة. إذن على وسائل الإعلام أن تتصدّى وترصد هؤلاء ليمتاز الجيد الذي يقدّم نفسه لخدمة الأسر الكادحة والمعدومة والأيتام عن الذي يخدم التجار وأصحاب رؤوس الأموال المستثمرة في الإعلام.