رياض الزهراء العدد 128 همسات روحية
طَلَبَنِي ثُمَّ رَفَضَنِي
السؤال: طلبني الرجل وأعجب بي، وذهب إلى الخارج ليستحصل على الجنسية، ثم بعث لي بأنني لا أرغبُ فيكِ! ما أدري ما السبب، وماذا يجب عليَّ فعله؟ إنَّ القاعدة العامّة في مواجهة كلِّ مشكلةٍ في الحياة، هو الاحتكام إلى العقل والشرع، فالأول هو الرسول الباطني، والثاني هو الرسول الخارجي، وهذه المشكلة التي وقعتم فيها لها حل، ألا وهو العمل على إعادة ترتيب التكوين الباطني لديكم، وذلك من خلال محاور عديدة: الأول: إنّ الإنسان يجعل همّه دائماً في دائرة اختياره، فما لم يكن باختياره فلا داعي للقلق حوله، لأنّ المناسب محاسب على ما في اختياره لا على ما هو باختيار الآخرين، ومن المناسب أن يعيش الإنسان حقيقة ما قاله الشاعر: فليتك تحلو والحياة ذميمة وليتك ترضى والأنام غضاب ويا ليت ما بيني وبينك عامر وبيني وبين العالمين خراب الثاني: سبر الباطن؛ أي السير في سويداء النفس ليرى الإنسان ما هو الخلل الاحتمالي الذى أوجب التعقيد في حياته، وذلك يتلخّص في موجبين، وهما: مخالفة الله تعالى في السرِّ أو العلن، فإنَّ الله (سبحانه وتعالى) بيده الخير كما نعلم، فإذا رأى العبد عاكفاً على ما لا يرضيه، منع منه ذلك الخير المقدّر، وليس هناك من يقف أمام إرادته، والموجب الآخر هو التقصير بحقِّ العباد، فإنّنا كثيراً ما نلتفت إلى ردّة فعل الآخرين من دون أن نلتفت إلى فعلنا، وكأننا نريد الاستقامة من الغير مع إعفاء النفس من ذلك، ومن المعلوم إنّ كثيراً من ردّة فعل الزوج -وإن كانت ظالمة- إلّا أنّها انعكاس طبيعي لفعل الزوجة، وإن أخطأ الرجل في أنَّهُ يكيل الكيل بكيلين!.. فعليه لابدّ من تصفية الأمر مع الغير استحلالاً وتعويضاً. الثالث: اللجوء إلى الله (سبحانه وتعالى) مع الالتفات إلى صفات فيه؛ فهو القادر الذي لا يعجزه شيء في الوجود، وهو الرحيم بعباده المؤمنين، وهو المغيث بمن استغاث به ولو لم يكن مؤمناً. وعليه فقبل أن نشكو إلى الغير لم لا نقدّم شكوانا إليه؟ مصداقاً لما ورد في سورة المجادلة: (وَتَشْتَكِي إِلَى اللهِ)/ (المجادلة:1)، فقدّمي شكواكِ إلى القدير الرحيم المغيث تجدين ما لا يخطر بالبال! أرجع وأقول أخيراً: لا ترهقي نفسكِ بما لم يقدّر لكم الله تعالى فيه رزقاً، فلعلّ ذهابكم إلى تلك البلاد يكون من مصاديق التعرّب بعد الهجرة، فتخسرين في الآجل أضعاف ما تربحين في العاجل.