يَا مَنْ اقتَدَيتِ بِبَضْعَةِ الرَّسُولِ (صلى الله عليه وآله) لَا تَمُوتِي فِي الحَيَاةِ قَبلَ أَنْ تَمُوتِي
كلماتي ممزوجة بمشاعري ومختلطة بالحروف، لتطير من لدن هذه الأسطر فتلامس روحكِ الشفافة النقيّة فتخاطبكِ قائلة: (أرجوك لا تموتي قبل أن تموتي)، فمَن رأيت في عظمتها السبيل، والنور للمضيّ خلف سيرتها، والاقتداء بخطى حياتها، لم تجعل في لحظةٍ من لحظات الحياة الخسارة، حاشى لها ولآل بيتها وأبيها (صلى الله عليه وآله). فهي سيّدتي الزّهراء (عليها السلام) وضعت الأساس القويم الذي سار عليه بنوها وتابعوهم وشيعتهم، في عيش هذه الدنيا الفانية بما يجعل فيها صلاحها وصلاح الآخرة أيضاً. إذن يا قارورة لا تموتي في الحياة قبل أن تعرفي من هي ذاتك، وماذا تحمل في ثناياها؟ فأنتِ كما وصفك الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله): (قارورة). ففيكِ تتجلّى أجمل الصور في الرقّة والنعومة والنقاء الممزوجة بقوّة التمسّك بحبل الله، وقوة الوقوف بوجه الظلم والطغيان. لا يوجد للظلم والطغيان شكل واحد أو اسم معين، فالظلم والحروب ليست حصراً على المعارك الماديّة والمسلحة. لا لا فهي تستطيع أن تكون واضحة لكن في الكثير من مواقفكِ الحياتيّة، إذ إنّ تغذية عقل الأنثى بأن تُبرز أنوثتها ورقّتها وتحرّرها يكون فقط عن طريق قلّة الحشمة أو انعدامها فيها؛ هي صورة من صور الظلم والحرب والعدوان لبناء عقلها وفهمها للحياة. لا تموتي يا عزيزتي في الحياة قبل الموت الفعلي حتّى تؤدي أعظم رسالة، وكَّلَكِ الله (سبحانه وتعالى) بها ألا وهي صناعة جيلٍ قادر على نصرة إمام زمانه (عجل الله تعالى فرجه الشريف)، فتأدية تلك الرسالة العظيمة، وإعداد ذلك الجيل الرصين ليست في العناية الماديّة بهم فقط. لا، فلهم أرواح طاهرة ونقيّة تهيئك لزرع ما سيحصدونه عند الكبر، وعندما يتذكّرون حسن إعدادكِ لهم. عيشي حياتكِ بتفاصيلها، ودعي عقلك الباطن وروحكِ يتزاوجان في بحر ذاتك، فتولد منهما ذات صافية متصالحة ومتسامحة تطير في ملكوت الرحمن، متعطشة في أن تجعل من ينظر لها يرى فيها أجمل صورة لخلق الله (سبحانه وتعالى). فما طلبه قلمي منك يا قارورة هو مستمد من جزءٍ بسيطٍ من تلك السيرة العظيمة لحبيبة قلب الرسول (صلى الله عليه وآله), فقد عاشت الحياة بأسلوب جعلت من يفتش في سيرتها الطاهرة يستشعر أنَّها عاشت وستعيش على مرّ العصور أبداً ودائماً.