رياض الزهراء العدد 128 لنرتقي سلم الكمال
الجِهَادُ الَأكْبَر
قال تعالى: (وَمَنْ جَاهَدَ فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ إِنَّ اللهَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ)/ (العنكبوت:6). ورُوي عن أبي عبد الله (عليه السلام) "أنَّ النبي (صلى الله عليه وآله) بَعثَ بِسَّريَّة، فلمّا رجعوا قال: مرحباً بقومٍ قضوا الجهاد الأصغر وبقي الجهاد الأكبر، قيل: يا رسول الله وما الجهاد الأكبر؟ قال: جهاد النفس".(1) الجهاد مأخوذ من الجَهد بالفتح وهو التعب والمشقة، أو الجُهْد بالضم بمعنى الوسع والطاقة. والجهاد الأكبر عند أهل المعرفة عبارة عن تزكية النفس بترويضها على الطاعات، ومخالفة نوازعها الشريرة وأهوائها. وأطراف الصراع في جهاد النفس معسكران: يقود العقل جنود المعسكر الأول، ويقود الجهل جنود المعسكر الثاني، فقد روي عن الإمام الصادق (عليه السلام): "اعرفوا العقل وجنده، والجهل وجنده، تهتدوا"(2)، لذا علينا بإصلاح أنفسنا، وعدم الاقتناع بإصلاح الظاهر وحده، بل السعي للبدء بإصلاح قلوبنا وعقولنا، والإصرار على أن يكون غدنا خيراً من يومنا. أتذكّر إحدى أخواتنا المؤمنات بعد سقوط النظام السابق وفتح المدارس الدينية، انتمت إلى إحدى تلك المدارس، وفي يومٍ من الأيام عند امتحانها في أحد الدروس، كانت بجانبها صديقتها التي نظرت إلى ورقتها ورأت إجابتها خاطئة، فأشارت إليها لتنقل عنها الإجابة الصحيحة، توقّفت الأخت المؤمنة لتفكّر لحظة عن دافع التحاقها بالمدرسة؛ وهو إصلاح نفسها فكيف تفكّر بالغش؟ عندها رفضت وأعطت ورقة الإجابة من دون تصحيح الخطأ؛ لأنّ إصلاح نفسها خيرٌ لها من نجاحها بالغش. وكلّنا يتذكّر خطبة الجمعة التي أُعلن فيها فتوى الوجوب الكفائي ضد (داعش) والتي هزّت وقلبت موازين العالم، فلبّى المؤمنون النداء مضحين بالغالي والنفيس. وفي خطبة الجمعة ليوم (29/محرّم/1439هـ) الموافق (20/10/2017م) أعلنت المرجعيّة الجهاد للمرّة الثانية ولكن هذه المرّة ليس الجهاد الأصغر بل هو الجهاد الأكبر، إنَّهُ جهاد النفس، حيث دعتنا إلى أن لا نقوم بإرسال أو إعادة توجيه أي منشور، أو فيلم، أو صورة، أو رفع لافتات، أو إطلاق شعارات، أو حرق أعلام وغيره، فيها إساءة لأي مكوّن أو طائفة أو قومية، لأنَّها ستثير الفتن، وتبث الأحقاد والضغائن لقوله تعالى: (وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ)/ (البقرة:196). فهل سنلبّي الدعوة للجهاد الأكبر بنفس الحماس والقوّة والعزيمة؟ لنسرع في إصلاح ذاتنا وكبح أهوائها ما دمنا نريد الترقّي في سلّم الكمال. ............................ (1) الكافي: (ج5، ص17). (2) الكافي: (ج1: ص26). الأسئلة: س1: روي عن أمير المؤمنين (عليه السلام): "أقوى الناس........" أكملي الحديث؟ س2: ما هي ثمرات مجاهدة النفس؟ س3: برأيكِ كيف يمكن مجاهدة النفس أمام ما يعرض في الأسواق من ملابس ومواد تجميل؟ أجوبة العدد السابق: 1. فوائد الإيثار على الفرد: 1) حسن الذكر. 2) يكسب الرفعة في الدنيا والآخرة. 3) يطهّر القلب من البخل والشح والأنانية. 4) يحقق الرضا النفسي. فوائد الإيثار على المجتمع: 1) حماية الدين والوطن. 2) توثيق الحب والألفة بين أفراد المجتمع. 3) تجنّب العداوة والحقد في المجتمع. 4) انتفاع الناس بخدمات بعضهم البعض. 2. أنواع الإيثار: 1) إيثار متعلّق بالخالق: إيثار رضا الله على رضا غيره. 2) إيثار متعلّق بالخلق: إيثار في المال أو في النفس أو في الدعاء. 3. رُوي عن أمير المؤمنين (عليه السلام): "عند الإيثار على النفس تتبين جواهر الكرماء"(1). ...................................... (1) ميزان الحكمة: ج1، ص17.