هَل أَستَطِيعُ أَنْ أَمثُلَ أَمَامَ الزَّهَراء (عليها السلام)؟

رملة الخزاعي/ النجف الأشرف
عدد المشاهدات : 178

جاءت السّيّدة فاطمة (عليها السلام) إلى الحياة من بيتٍ من أعرق البيوت، فالأب رسول الإنسانية (صلى الله عليه وآله) لا يدانيه أحد في شرفه وصدقه وأمانته وعلوّ منزلته في الدنيا والآخرة، والأم ليس في الأرض من يدانيها شرفاً وعزةً ورفعةً، أمضت فاطمة (عليها السلام) طفولتها سعيدة بحبّ أبويها, وقد رافقت سير الدعوة إلى الله (سبحانه وتعالى) والّتي اتّسمت بالحيطة والحذر والسرية التامّة, وبدأت الدعوة في مكّة مركز الدين الإسلامي والقوم يعبدون الأوثان والأصنام, وقد كان الأمر يحتاج إلى عزيمة وصبر وسرية في بدايته، تحمّلت (عليها السلام) مع أبيها ما تحمّلت (عليها السلام) حتّى أدّى أبوها رسالته، وكلّ الأحداث الّتي عاصرتها كان لها تأثير كبير في تكوين شخصيّتها العظيمة، وهذا درس نتعلّمه من حياتها من أعظم الدروس. دروس ومواقف إنّ المتتبّع لسيرة الزّهراء (عليها السلام) يجد مواقف كثيرة هي عبارة عن دروس عُليا إذا ما تتبّعناها أوصلتنا إلى مدارج الكمال، رغم قلّة المواقف التي وصلتنا عنها؛ لأنّ التأريخ لم تكتبه أيادٍ منصفة، فما وصل لنا عن الزّهراء (عليها السلام) شيء قليل جداً ولم يعطَ الحقّ لها، وإن مواقفها لو عُرضت على العالم لكانت أفضل سلوكيات تتبّع، وحياتها كلّها مواقف وعبر. مِن الدروس العمليّة الّتي نقلتها لنا الروايات: تصدّقها بالثوب الذي أعطاها أبوها رسول الله (صلى الله عليه وآله) بمناسبة زواجها، وتصدّقها بطعامها هي وزوجها وأطفالها وهم صائمون لثلاثة أيام متوالية على المسكين, واليتيم والأسير, ودعاؤها لجيرانها قبل أن تدعو لنفسها وأبنائها، ودرس التكافل الاجتماعي من أعظم الدروس التي نحن بحاجة إليها اليوم؛ لأنّ أغلب مجتمعاتنا تعاني الفقر واليتم، فما أحوجنا إلى قلوبٍ فاطميّة تعطف على بعضها، وما أحوجنا إلى الجار الزهرائي الّذي يتخلّق بأخلاق الزّهراء (عليها السلام) وما شدّة فقرنا لنساء فاطميات يحملن الزّهراء (عليها السلام) منهجاً وسلوكاً خاصّة، واليوم حملات عديدة تشن ضدّ المرأة من أجل أن تتخلّى عن هويتها الإسلاميّة. عباءة فاطميّة ولاسيّما ما تتعرّض له المرأة من حربٍ ضد حجابها ورمز عفّتها وهويّتها، حيث أدخلوا الحجاب عموماً والعباءة خصوصاً لعالم الموديل، وصار الحجاب يتّبع الموديل وليس الموديل هو من يتّبع الحجاب، لأنّ الواقع يحتمُ أن يكون الموديل تابعاً للحجاب؛ لأنّ محتواه الحشمة، إلّا أنَّهم عملوا العكس إذ أفرغوا الحجاب من محتواه وجعلوه يتّبع الموديل فما أحوجنا لأمّنا فاطمة (عليها السلام)، فالجامعيّة اقتنعت أنّ العباءة عائق أمام تقدّمها، وهكذا بعض مكوّنات المجتمع النسويّ ممّن صدّقن الشعارات الفارغة الّتي أُطلقت، ووهم الموضة فأين نحن من الزّهراء (عليها السلام) ونحن ندّعي الانتماء لها؟ أبسط أمورنا الحياتيّة ومصاعب الحياة الّتي نمر بها نندب الزّهراء (عليها السلام) لتقف بجانبنا، كيف نندبها ونحن نقف بصف من يحارب نهجها، أي جرأة نمتلك؟ فلنجعل سلوكنا على وفق نهج الزّهراء (عليها السلام)، ولنسأل أنفسنا في كلّ تحرّكاتنا هل الزّهراء (عليها السلام) راضية عن هذا الأمر؟ وهكذا قضيّة حجابنا فلنقف أمام المرآة ونسأل أنفسنا هل نستطيع أن نمثَلَ بين يديّ الزّهراء (عليها السلام) بهذا المظهر؟ هل تقبلني الزّهراء (عليها السلام) وأنا على هذه الهيئة؟ فنحن اليوم بحاجةٍ إلى الرجوع إلى الزّهراء (عليها السلام).