مَفَاهِيمُ خَاطِئَة _ فاقد الشيء لا يعطيه

أوس محمد عبيد/ كربلاء المقدّسة
عدد المشاهدات : 140

بعيداً عمّا يُنقل في كتب العقائد فإنَّ هذه العبارة -بحسب الواقع الذي يعيشه الناس- كثيراً ما شاعت وأصبحت مثلاً يتردد بيننا عندما تُطرح أحاديث عن النصيحة أو ما شابه ذلك؛ ربّما لو نظرنا لها من زاويةٍ أخرى سنرى أنّ لا صحّة لها، فغالباً يكون فاقد الشيء هو أكثر من يُعطي؛ لأنَّ من جرّب ألم الفقدان هو الأكثر قدرة على العطاء، فعندما يمر شخص في تجربةٍ في حياته يحاول أن يستفيد منها ليقدمها كنصيحة للآخرين، أو عندما يكون على معرفةٍ بموضوع ما ولم يستطع تطبيقه على حياته العملية لكن يحاول أن يقدّم تلك المعرفة للآخرين، فالكثير منّا يفشل في تطبيق بعض النصائح على حياته على الرغم من معرفته التامّة بها، هذا لا يعني عدم حقّه في طرحها على الآخرين الذين من الممكن أن يكونوا على عدم معرفة بها، وربّما استطاعوا من خلالها أن يستعيدوا ترتيب حياتهم أو إيجاد حل لنزاعاتهم، فعدم تطبيق بعض الحلول على حياتهم لا يعني عدم فائدتها ولا يعني عدم قدرتهم على تقديمها للآخرين، فالرسول الكريم (صلى الله عليه وآله) هو خير مثالٍ على ذلك، فعلى الرغم من أنهُ وُلِد يتيماً ومحروماً إلّا أنهُ قدّم مثلاً في الإنسانية والرحمة والأخلاق يحتذى به على مرّ العصور، قال تعالى: (وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ)/ (القلم:4). وكذلك أهل بيته وأصحابه (عليهم السلام) الذين قدّموا الكثير رغم ما قاسوه من الآلام والحرمان، فعلينا إذاً أن نمنح الفرصة لأنفسنا وللآخرين للعطاء اللامحدود، فالبعض قد يكون بأمس الحاجة إلى ذلك، ولنبتعد عن التكبّر وعدم التقبّل من الآخر.