وَهْجُ الأَمَل

مريم حسين اليساري/ كربلاء المقدّسة
عدد المشاهدات : 175

هي الحياة كبحرٍ في ليلة شتاء عاصفة، يكون فيها الفرد ذلك القارب الّذي اختاره القدر من دون تخطيط سابق ليواجه في هذه الليلة مزاج البحر البائس وغضب السماء، ولينتظر بشوقٍ ولهفةٍ شروق شمس يوم جديد، فأمّا أن يكون ضيفاً على ساحل الشاطئ ليرى البحر بكلِّ شموخ ورفعة, وأمّا أن يكون رهينةً بيد هذا البحر الغاضب الثائر، أي ومن المستحيل أن يصل إنسان إلى مدينة النجاح دون اجتياز حاجز التعب والفشل وعبور محطّة اليأس, فصاحب الإرادة القويّة هو الفرد الوحيد الذي لا يطيل الوقوف في ذلك الحاجز، فثقته وحسن ظنه بالله وبنفسه تمكّنه من تجاوز هذه العواقب الحياتية, فالفارق بين هذا الفرد وغيره من الأفراد هو نظرته إلى المشكلات, والنظر في كيفية وضع الحلول لها وأسبابها, وجعلها نقاط قوة, وإزالة تلك العواطف السلبيّة الّتي سيطرت على العقول كالشبكة العنكبوتيّة في داخل النفس الّتي أصبحت تردّد مع كلّ مواجه (لا أستطيع, لا يمكن,..إلخ) فمتى ننطلق ونتخلّص من هذا الوسواس وننطلق إلى فضاء النجاح؟ فالتحديّات والصعاب ما هي إلّا سمة لتكوين الشخصيّة وتحديدها، وإعطاء دروس لكلّ فردٍ يكون بحاجة لها في مستقبله، فمع كلّ نجاح ومع تجاوز كلّ أزمة يزيد رصيد المعرفة والثقة بالنفس والشجاعة لمواجهة أي تحدّي جديد، أرى في الطموح جوهرة إن لم يملكها الفرد خسر خسراناً كبيراً. أرى فيه شجرة جذورها حلم, وفروعها أمل, وثمارها نجاح. ولعلّ أحد مصادر الأمل وإحدى أجمل العبارات الإيجابية قوله (سبحانه وتعالى): (فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا * إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا)/ (الشرح:5, 6), الّتي أعطت وعبّرت عن الأمل؛ ذلك أنَّ الضيق والمشقّة والعسر يرافقه انشراح الصدر ويصاحبه، وهذا فيه تأكيدٌ واستئنافٌ بوعد يسرٍ آخر، حيث رُوي أنَّ النبيّ (صلى الله عليه وآله) خرج مسروراً فرحاً وهو يضحك ويقول: "لن يغلب عسر يسرين".(1) والسؤال الآن: هل سنسمح لوهج الأمل أن يختفي من حياتنا؟ .............................. (1) مستدرك سفينة البحار: ج10، ص590.