رياض الزهراء العدد 128 الملف التعليمي
التَّوَافِقُ المَدْرَسِيّ
يُقصد بالتوافق التفاعل الإيجابي للفرد مع الناس المحيطين به؛ إذ يُثمرُ هذا التوافق تبادلاً في الحوار والآراء، بما يحقق الانسجام والتجانس والتآلف، وفي محيط المؤسسة التربوية لابدّ من تحقيق التوافق المدرسي بين التلميذ والملاك التدريسي من جهة وبين التلميذ وأقرانه من التلاميذ من جهةٍ أخرى. وعليه يجب الاهتمام بالفئة العمرية للمراحل الأولى عند دخولهم المدرسة، وولوجهم قرية العلم والمعرفة، ومن الطبيعي أنَّ هؤلاء الأطفال قد قدِموا من البيت إلى المدرسة، ومن الجدير بالذكر أنَّ الأسرة في البيت قد تتكوّن من الأم والأب والطفل فقط، أو تتسع لأكثر لتضم الأجداد والأقرباء، وعند انتقال المتعلّم من بيئة البيت إلى المدرسة ستبدأ لديه حلقة التباين في التعاطي مع المصير المجهول والتي تتمثّل عند مرحلة الانفصال عن والديه، والانضمام إلى الأسرة المثمرة بالعلوم والمعارف، حيث تشهد تلك المرحلة منعطفاً مهماً في حياة الطفل، فالمدرسة تحمل تحت طياتها (مناهج دراسية، وقوانين، وواجبات مدرسية، ومجموعة كبيرة من الطلبة الجدد، ومبدأ الثواب والعقاب، والتواجد اليومي في المبنى المدرسي)، تلك الحصيلة من المعلومات يتم إرسالها إلى المنظومة الفكرية مرّة واحدة، ويعد ذلك من الأخطاء الشائعة لعدم استطاعته على التوافق والتكيّف مع ذلك باستثناء فئة قليلة تمتلك من القدرات التي تؤهّلها للتواصل والاسترسال مع تلك المعلومات المناطة إليهم، والغاية من ذلك تكمن في تأمين وتهيئة الاستقرار النفسي للتلميذ بتظافر جهود الإدارة المدرسية، واختيارها للمعلّم المناسب للصفوف الأولى للمرحلة الابتدائية، وإفساح المجال للتعبير عن المهارات الإبداعية، وصقل المواهب المتنوّعة، وخلق روح التنافس الشريف بين التلاميذ، وكذلك الاهتمام بالتكيّف المدرسي الذي يوفّر المناخ الصفي الملائم، والأثاث، وكذلك الوسائل التعليمية، ووضع الاختبارات العلمية المناسبة للقدرات الذهنية. وأخيراً ينبغي تحقيق التوازن والتكافؤ بين البُعد النفسي والعقلي الذي يخص عملية التعليم، فالمدرسة هي المؤسسة التي تنفّذ الأهداف المرسومة من قبل المجتمع، والتي تتمثّل بتجاذب أطراف الحديث وأفكار التلميذ مع الآخرين من جهة والبرامج المُعدّة له من جهة أخرى، فهي الأداة والمكان الذي ينتقل بواسطته الفرد من التمركز حول الذات إلى حياة الجماعة، ليصبح إنسانا اجتماعياً، ومعطاءً وعضواً يسهم في تقدّم البلد.