رياض الزهراء العدد 128 الحشد المقدس
هَل وَفّيْتُ يَا بنَ رَسُولِ اللهِ؟
مع صوت أذان الفجر فتح المقاتل البطل أحمد عينيه، لقد كان ساهراً في ليلته السابقة في حراسة الساتر، أحمد لمّا استيقظت، لم تنم سوى ساعتين؟ حسن؛ اليوم لدينا عملية جديدة ومهمة، وأنا لا أستطيع النوم من كثرة التفكير بها. أجابه حسن: ولم ذلك؟! فقال أحمد: في هذه القرية التي نريد تحريرها، هناك رهائن من الأطفال قد جعلهم الأرجاس درعاً لهم؛ لأنَّهم يعلمون أننا لا نستطيع أن نهجم ونضرب المنازل ما دام هناك مدنيون ولكن هؤلاء المارقين ليس في قلوبهم رحمة، فقد نُزِعت الإنسانية من ضمائرهم وقلوبهم، فلابدّ من إيجاد وسيلة للنيل من أولئك الأوغاد. اجتمع المقاتلون مع قيادتهم للتباحث، وهناك دار نقاش بينهم في فكرة إرسال أحد المقاتلين إلى تلك القرية بعد أن يتنكّر بزي الدواعش؛ ليتمكّن من إطلاق المدنيين، تسابق الأبطال كلّ يقول أنا أذهب، وكان البطل أحمد أكثرهم شوقاً. فقال القائد: سنجري قرعةً بأسمائكم وسنرى. ظل أحمد يترقّب وفي تمتمات دعائه: (اللهم إنّي أسألك بحق سيّد الشهداء (عليه السلام) أن تجعلني كمولاي أبي الفضل لأكفل أولئك الأطفال والنساء واضحي بنفسي لأنال الشهادة). وبينما هو في دعائه ومناجاته سمع صوت القائد يقول: هذه المهمة سينفّذها المقاتل أحمد. استبشر وتهلل واستعد لهذه المهمة التي يتمنّاها، تسلل ووصل إلى القرية، وهناك سمع صوت الأطفال والنساء يتصارخون وهم محجوزون في أحد بيوت القرية، سمع لهجتهم فأستطاع أن يتحدّث إليهم وكأنه واحد منهم قائلاً: سأخذ ماء وبعض الطعام إلى هؤلاء الأطفال. فقالوا له: أذهب ولكننا نريد أن نعذّبهم بالجوع والعطش؛ لأنّهم روافض. توجّه أحمد إلى البيت، وعندما فتح الباب سكت الجميع؛ لأنَّهم يخافون أن يُضربوا، ناولهم الماء، وأخذ يراقب ويجلس بالقرب من البيت، وتلك كانت العلامة بينه وبين القيادة. ما إن بدأ القتال وتشاغل الدواعش عن أمر الرهائن فتح أحمد الباب وقال لهم: اذهبوا أنتم أحرار، ومن هناك أرسلهم إلى جهةٍ آمنة لكي تستلمهم قوات حشدنا الباسل، تسارعت خطوات الجميع، ولكن القدر والمنية كانت أسرع من خطوات أحمد، فبادره أحد المارقين وأصابه في رأسه، سقط البطل إلى الأرض وقال: (السلام عليك يا أبا عبد الله هل وفيت؟) وفاضت روحه الطاهرة إلى جنات النعيم، ملتحقاً بقافلة العشق والفداء.