سَلَاماً لِلرَّاحِلِين

نجاح حسين الجيزاني/ كربلاء المقدسة
عدد المشاهدات : 183

ما أجمل الطيور وهي تعود إلى أوكارها في المساء، وما ألطف تلك الأرواح المسكونة بحبِّ الوطن والمنغرسة جذوراً في تراب الأم الرؤوم. كم أعشق أرواحكم أيّها المغادرون عنّا جسداً، والمقيمون فينا روحاً، سلاماً لكم من قلوب تشظّت عليكم لبعد المسافات، وترامي أطراف خرائط الجغرافيا.. سلاماً للراحلين المنصفين؛ لأنّهم لم ينسوا مواعيد عودتهم إلينا، فلم يسلكوا طرق النسيان ومتاهات الخذلان، سلاماً للغرباء عن الديار، المنسيين في وسط زحام البشر فما ألفهم وما ألفوه. سلاماً لمن خطّ على جبينه طريق العودة ولم تأخذه أيادي العابثين إلى وسط المجهول. سلاماً على قلب أحبّ ولم ينلْ، وأشعار كُتبت لحبيب ولم تصلْ. سلاماً لكلّ قامةٍ لم تنحنِ للعاصفات. سلاماً لكلّ الزهور التي احتفظت برحيقها ولم تقع فريسة للذبول وعنف الفراشات. سلاماً للشفاه الباسمة وفي أفئدتها خنادق الحزن المعتق إلى الذين قرروا الحياة ولم تحالفهم النبضات أقول لكم: هلمّوا وعودوا إلى رصيف ذاكرة لن تمحى.. وإلى حضن دافئ لم يدشن.. إلى الملتقى.