مِفْتَاحُ اللقَاءِ بِرَبِّ السَّمَاء

السيد محمد الموسوي مسؤول شعبة الاستفتاءات الشرعية
عدد المشاهدات : 353

قال تعالى: (وَقُلِ الْحَمْدُ لِلهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا)/ (الإسراء/111). من المعلوم أنَّ الفعل الأول للمصلّي هو تكبيرة الإحرام فطالما هو مشغول بالأذان والإقامة لا يزال يقف خلف الباب المغلق، ولكن بمجرّد أن يكبّر تكبيرة الإحرام فقد دخل لساحة اللقاء، كالإنسان المقبل على الحج أو العمرة فمتى ما أراد أن يبدأ رحلته مع الله تعالى أحرم وارتدى لباس الإحرام من مكان مخصوص، فمتى ما كان الإنسان مؤدّباً في خطوته الأولى مع الله (عزّ وجل) كان ذلك أرجى وأسرع في الدخول في رحمته ومغفرته تبارك وتعالى. ولو كانت هناك لفظة أرقى من التكبير كالتسبيح والتهليل والتحميد لجُعِلت مفتاحاً للصّلاة، وقد فسّر أهل البيت (عليهم السلام) معنى التكبير بأن يعتقد الإنسان بأنَّ الله تعالى أكبر من أن يوصف؛ فهذا منتهى التعظيم، وكلّ ما سوى الله هو مخلوق له, محدود بحدود الزمان والمكان والجسم والحجم وقابل للوصف، وقابل للإحاطة باستثناء واجب الوجود فهو أكبر من أن يوصف. والذي لا يعظّم الخالق في نفسه وفي فكره وقلبه فإنَّ ذلك سيترك فراغاً في قلبه ليملأ بغير ذكر الله (عزّ وجل) وترى الأفكار الدنيوية تأخذه في الصّلاة يميناً وشمالاً، لذا طعَّم الشرع تبارك وتعالى الصّلاة في كلّ حركاتها بالتكبير، فتكبير قبل الركوع وآخر بعده وآخر بعد السجود وآخر قبله وهكذا، ليمتلئ القلب بحبّ الله تعالى وتعظيمه فلا يبقى مجال لشيء آخر أبداً. ومن هنا تأتي مشاكل الشرود الذهني لكثير من المصلّين، قال تعالى: (..وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ)/ (البقرة:45)، والسبب في ذلك واضح؛ إذ لم يمتلئ وجودهم بعظمة الله تبارك وتعالى.